للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حرصه فيه، فكان ما فعل الله لرسوله من تفويض الأمر إليه في أحوال أزواجه أقرب إلى رضاهن معه، وإلى استقرار أعينهن بما يسمح به لهن، دون أن تتعلق قلوبهن بأكثر منه.

وكان صلّى الله عليه وسلّم مع هذا يشدد على نفسه في رعاية التسوية بينهن، تطييبا لقلوبهن، كما قدّمنا،

ويقول فيما رواه النسائي وأبو داود عن عائشة رضي الله عنها: «اللهم هذه قدرتي فيما أملك، فلا تلمني فيما تملك ولا أملك، يعني ميل قلبه، لإيثاره عائشة رضي الله عنها، دون أن يكون ذلك ظاهرا في شيء من فعله. وكان في مرضه الذي توفي فيه يطاف به محمولا على بيوت أزواجه، إلى أن استأذنهن أن يقيم في بيت عائشة. أخرج البخاري في صحيحة عن عائشة قالت:

«أول ما اشتكى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في بيت ميمونة، فاستأذن أزواجه أن يمرّض في بيتها-يعني بيت عائشة-فأذنّ له»

وفي الصحيح أيضا عن عائشة رضي الله عنها قالت: إن كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ليتفقد، يقول: «أين أنا اليوم، أين أنا غدا؟» استبطاء ليوم عائشة رضي الله عنها، قالت: فلما كان يومي قبضه الله بين سحري ونحري (١)، صلّى الله عليه وسلّم.

٦ - على الرجل أن يعدل بين نسائه لكل واحدة منهن يوما وليلة، ولا يسقط‍ حق الزوجة مرضها ولا حيضها، ويلزمه المقام عندها في يومها وليلتها. وعليه أن يعدل بينهن في مرضه كما يفعل في صحته، إلا أن يعجز عن الحركة، فيقيم حيث غلب عليه المرض، فإذا صح استأنف القسم. والإماء والحرائر والكتابيات والمسلمات في ذلك سواء، وأما السراري فلا قسم بينهن وبين الحرائر.

روى أبو داود عن أبي هريرة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «من كانت له امرأتان، فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل».


(١) أي بين جنبي وصدري. والسحر: الرئة، أطلق على الجنب مجازا، من باب تسمية المحل باسم الحال فيه، والنحر: الصدر.

<<  <  ج: ص:  >  >>