للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يخافه العدو من مسيرة شهر، وبعث إلى كافة الخلق، وقد كان من قبله من الأنبياء يبعث الواحد إلى بعض الناس دون بعض.

وجعلت معجزاته كمعجزات الأنبياء قبله وزيادة. وكانت معجزة موسى عليه السلام العصا وانفجار الماء من الصخرة. وقد انشق القمر للنبي صلّى الله عليه وسلّم، وخرج الماء من بين أصابعه صلّى الله عليه وسلّم. وكانت معجزة عيسى عليه السلام إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص. وقد سبّح الحصى في يد النّبي صلّى الله عليه وسلّم، وحنّ الجذع إليه، وهذا أبلغ. وفضّله الله عليهم بأن جعل القرآن معجزة له، وجعل معجزته فيه باقية إلى يوم القيامة، ولهذا جعلت نبوته مؤبدة لا تنسخ إلى يوم القيامة.

٤ - لم يكن القسم بين الزوجات واجبا على النبي صلّى الله عليه وسلّم، توسعة عليه في ترك القسم وإباحة له، وإنما كان مخيرا في أزواجه ومع هذا كان النبي صلّى الله عليه وسلّم يقسم بينهن، دون فرض، تطييبا لنفوسهن، وصونا لهن عن أقوال الغيرة التي تؤدي إلى ما لا ينبغي. وهذا أصح ما يراد بالآية.

وقيل: كان القسم واجبا على النبي صلّى الله عليه وسلّم، ثم نسخ الوجوب عنه بهذه الآية.

قال أبو رزين: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قد همّ بطلاق بعض نسائه، فقلن له: اقسم لنا ما شئت، فكان ممن آوى: عائشة وحفصة وأم سلمة وزينب، فكان قسمتهن من نفسه وماله سواء بينهن. وكان ممن أرجى سودة وجويرية وأم حبيبة وميمونة وصفية، فكان يقسم لهن ما شاء.

٥ - قوله تعالى: {ذلِكَ أَدْنى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ} بيان الحكمة في التخيير بالقسم، قال قتادة وغيره: أي ذلك التخيير الذي خيّرناك في صحبتهنّ أدنى إلى رضاهن إذ كان من عندنا، لأنهن إذا علمن أن الفعل من الله قرّت أعينهن بذلك ورضين، لأن المرء إذا علم أنه لا حقّ له في شيء، كان راضيا بما أوتي منه وإن قلّ. وإن علم أن له حقّا لم يقنعه ما أوتي منه، واشتدت غيرته عليه، وعظم

<<  <  ج: ص:  >  >>