للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالإذن، والدخول حرام إلا لأجل الأكل ونحوه، وظاهر الآية حرمة مكث المدعو بعد تناول الطعام إذا كان ذلك مؤذيا لصاحب البيت.

ودخل في النهي سائر بيوت المؤمنين، فلا يجوز دخولها إلا بإذن عند الأكل، لا قبله لانتظار الطعام.

٢ - يجب التفرق والخروج من البيت والانتشار في أرض الله تعالى بعد تناول الطعام، وانتهاء المقصود من الأكل ونحوه، لقوله تعالى: {فَإِذا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا} والمراد من الأمر: إلزام الخروج من المنزل عند انقضاء المقصود من الأكل، بدليل أن الدخول من غير إذن حرام، وإنما جاز لأجل الأكل، فإذا انقضى الأكل زال السبب المبيح، وعاد التحريم إلى أصله.

٣ - قوله تعالى: {بُيُوتَ النَّبِيِّ} دليل على أن البيت للرجل، ويحكم له به، فإن الله تعالى أضافه إليه إضافة ملك. وأما الإضافة في قوله تعالى:

{وَاذْكُرْنَ ما يُتْلى فِي بُيُوتِكُنَّ} [الأحزاب ٣٤/ ٣٣] فهي إضافة محل، بدليل أنه جعل فيها الإذن للنبي صلّى الله عليه وسلّم، والإذن إنما يكون للمالك.

وأما سكنى نساء النبي صلّى الله عليه وسلّم في بيوته في حياته وبعد موته من غير تملك، فهو حق لهن على الصحيح؛ فإن ذلك من مؤونتهن التي كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم استثناها لهن، كما استثنى لهن نفقاتهن حين

قال فيما رواه أحمد والشيخان وأبو داود والترمذي والنسائي عن عمر وعثمان وغيرهما: «لا تقتسم ورثتي دينارا ولا درهما، ما تركت بعد نفقة أهلي ومؤونة عاملي، فهو صدقة» ويدل لذلك أن مساكنهن لم يرثها عنهن ورثتهن، ولو كان ذلك ملكا لهن كان لا شك قد ورثه عنهن ورثتهن، وعدم الإرث دليل على أنها لم تكن ملكا لهن، وإنما كان لهن سكنى حياتهن، فلما توفّين جعل ذلك زيادة في المسجد الذي يعم المسلمين نفعه، كما جعل ذلك الذي كان لهن من النفقات في تركة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فزيد إلى أصل المال، فصرف في منافع المسلمين مما يعمّ جميعهم نفعه.

<<  <  ج: ص:  >  >>