لخطورة التبعة (أو المسؤولية) عنها، فلا يفرط فيها، وهو بين خيارين: إما العصيان فالعذاب، وإما الطاعة فالثواب، والله غفور رحيم.
٤ - لقد تجشم الإنسان تحمل مسئولية الأمانة، والتزم القيام بحقها، وهو في ذلك ظلوم لنفسه أو للأمانة، جهول بقدر ما دخل فيه أو جهول بربه.
والإنسان: هو النوع كله، مراعاة لعموم الأمانة، فيشمل الكافر والمنافق، والعاصي، والمؤمن. وقيل: المراد بالإنسان: آدم الذي تحمّل الأمانة.
٥ - اللام في قوله تعالى:{لِيُعَذِّبَ} المتعلقة ب {عَرَضْنَا} أو ب {حَمَلَهَا} سواء قلنا: إنها لام الصيرورة أو لام التعليل، فإن النتيجة انقسام الناس إزاء التكاليف إلى قسمين: عصاة وطائعين، فقد حمل الإنسان الأمانة، ثم كانت حالته أمامها ليست واحدة، فهناك قوم التزموا القيام بحقها، فأثابهم الله الجنة، وهناك آخرون أهملوا القيام بحقها، فعذبهم الله بالنار.
وإذا تعلقت اللام ب {عَرَضْنَا} يكون المعنى على أن اللام للتعليل:
عرضنا الأمانة على الجميع، ثم قلدناها الإنسان، ليظهر شرك المشرك، ونفاق المنافق، ليعذبهم الله، وإيمان المؤمن ليثيبه الله. وإذا تعلقت ب {حَمَلَهَا} يكون المعنى على جعل اللام للتعليل: حملها ليعذّب العاصي، ويثيب المطيع، لأن العذاب نتيجة حمل الأمانة.
وإذا كانت اللام لام الصيرورة يكون المعنى: حملها الإنسان، فآل الأمر إلى أن يعذب من خان الأمانة، ويتوب على من أداها حقها.