للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{قالُوا: إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنا عَنِ الْيَمِينِ} أي قال الأتباع للرؤساء: إنكم كنتم تأتوننا من جهة الخير، فتصدوننا عنه. وقيل: إن اليمين مجاز مستعار من القوة والقهر، أي كنتم تأتوننا من ناحية القهر والقوة وبحكم السيطرة والرياسة لكم علينا في الدنيا، حتى تحملونا على الضلال، وتقسرونا عليه. وقيل: تأتوننا من جهة الدّين، فتهونون علينا أمره وتنفروننا عنه، كما هو الشأن اليوم في كثير من الرؤساء والرفاق.

وكلمة {قالُوا} جواب عن سؤال مقدر، فهو استئناف بياني.

فأجاب الرؤساء بجوابين:

١ - {قالُوا: بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} أي بل إنكم أنتم أبيتم الإيمان، وأعرضتم عنه، مع تمكنكم منه، مختارين الكفر، فقلوبكم هي القابلة للكفر والعصيان، وكنتم من الأصل على الكفر. وكلمة {قالُوا} أي المخاطبون وهم قادة الكفر أو الجن.

٢ - {وَما كانَ لَنا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ، بَلْ كُنْتُمْ قَوْماً طاغِينَ} أي لم يكن لنا عليكم من حجة وتسلط‍ نسلبكم به اختياركم وتمكنكم، بل كان فيكم طغيان وتجاوز الحد في الكفر، ومجاوزة للحق الذي جاءتكم به الأنبياء، وكنتم مختارين الطغيان، فلهذا استجبتم لنا وتركتم الدين الحق، وما كان منا إلا الدعوة، وكانت منكم الإجابة اختيارا لا جبرا.

{فَحَقَّ عَلَيْنا قَوْلُ رَبِّنا إِنّا لَذائِقُونَ} أي وجب علينا وعليكم حكم ربنا، ولزمنا قول ربنا، وهو قوله: {لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ} فلنذوقن ما وعدنا به، ونحن ذائقو العذاب لا محالة يوم القيامة. قال أبو حيان:

والظاهر أن قوله: {إِنّا لَذائِقُونَ} إخبار منهم أنهم ذائقون العذاب جميعهم الرؤساء والأتباع.

<<  <  ج: ص:  >  >>