{فَأَغْوَيْناكُمْ إِنّا كُنّا غاوِينَ} أي إنا أضللناكم، ودعوناكم إلى الضلالة، وإلى ما نحن فيه من الغواية، فاستجبتم لنا.
ثم بعد هذا النقاش والجدل بين الأتباع والرؤساء، وصف الله تعالى العذاب الذي يحل بالفريقين، فقال:
{فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ} أي إن التابعين والمتبوعين أو الأتباع والقادة مشتركون حينئذ جميعا في العذاب لا محالة، كما اشتركوا في الضلال والكفر، والجميع في النار، كل بحسبه.
واشتراكهم في العذاب عدل ككل المجرمين الكافرين، لذا قال تعالى:
{إِنّا كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ} أي مثل ذلك الجزاء نفعل بالمشركين، ويجازى كل عامل بما قدم.
وسبب العذاب هو ما قاله تعالى:
{إِنَّهُمْ كانُوا إِذا قِيلَ لَهُمْ: لا إِلهَ إِلاَّ اللهُ، يَسْتَكْبِرُونَ} أي إنهم كانوا إذا دعوا إلى كلمة التوحيد وهي لا إله إلا الله، استكبروا عن القبول، وأعرضوا عن قولها كما يقولها المؤمنون.
{وَيَقُولُونَ: أَإِنّا لَتارِكُوا آلِهَتِنا لِشاعِرٍ مَجْنُونٍ} أي أنحن نترك عبادة آلهتنا وآلهة آبائنا لقول شاعر مجنون، يسرح في الخيال، ويخلط في الأقوال، يعنون رسول الله ص. وبهذا أنكروا في الكلام الأول الوحدانية، وفي الثاني أنكروا الرسالة.
فرد الله عليهم تكذيبا لهم بقوله:
{بَلْ جاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ} أي إن النبي ص جاء بالحق في جميع ما شرعه الله له، وأوله التوحيد، وصدّق في ذلك الأنبياء المرسلين فيما جاؤوا به