{تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللهِ وَأُشْرِكَ بِهِ ما لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ، وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفّارِ} أي تدعونني لأمر خطير جدا هو الكفر بالله، والإشراك به في عبادته جهلا ولم يقم أي دليل على ألوهيته، ولا علم لي من وجه صحيح بكونه شريكا لله، وأنا أدعوكم إلى الإيمان بمن اتصف بصفات الألوهية الحقة، من العزة والقدرة والغلبة والعلم والإرادة والتمكن من المغفرة والتعذيب، فآمنوا به يغفر لكم ويعزّكم، فهو القوي الغالب في انتقامه ممن كفر، الغفار في عزته وكبريائه لذنب من آمن به وتاب إليه.
ثم أكّد تفنيد دعوتهم وفساد منهجهم، فقال:
{لا جَرَمَ أَنَّما تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيا وَلا فِي الْآخِرَةِ} أي قد حقّ وثبت وصحّ عقلا وواقعا أن الذي تدعونني إليه من عبادة الأصنام والأنداد ليس له أي دعوة مستجابة، فلا يجيب داعيه، لا في الدنيا ولا في الآخرة، لأنه جماد لا يسمع ولا يبصر، ولا ينفع ولا يضرّ، كما في آية أخرى:
{وَأَنَّ مَرَدَّنا إِلَى اللهِ، وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحابُ النّارِ} أي والواقع الحتمي أن مرجعنا ومصيرنا إلى الله بالموت ثم بالبعث في الدار الآخرة، فيجازي كل إنسان بعمله، وأن المسرفين في المعاصي، المستكثرين منها، المتعدّين حدود الله، المنغمسين في الشرك والوثنية والكفر، هم أهل النار الذين يصيرون إليها، الخالدين فيها بإسرافهم وهو شركهم بالله عزّ وجلّ.
ثم ختم كلامه بخاتمة لطيفة مؤثّرة فيها تذكير بالمستقبل وبعد نظر، فقال: