{فَسَتَذْكُرُونَ ما أَقُولُ لَكُمْ، وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللهِ، إِنَّ اللهَ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ} أي سوف تعلمون صدق قولي لكم من أمر ونهي ونصح وإيضاح وتذكير في وقت لا ينفع فيه الندم، حين ينزل بكم العذاب الشديد في الآخرة، وأتوكل على الله وأستعين به ليعصمني من كلّ سوء في مقاطعتي لكم ومباعدتكم، فإن الله بصير بعباده، خبير بهم، فيهدي من يستحق الهداية، ويضلّ من يستحق الإضلال، وله الحجة البالغة، والحكمة التامة، والقدرة النافذة. قال مقاتل: هرب هذا المؤمن إلى الجبل، فلم يقدروا عليه.
ثم أخبر الله تعالى عن مصير هذا الرجل المؤمن الجريء الناصح الفصيح، فقال:
{فَوَقاهُ اللهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا، وَحاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذابِ} أي حفظه الله وحماه في الدنيا من سوء وشرّ ما أرادوا به من قتل، ونجّاه من بأس فرعون، كما نجّى موسى عليه السلام، كما نجّاه في الآخرة من النار، وأنعم عليه بالجنة، ونزل بفرعون وقومه سوء العذاب في الدنيا بالغرق جميعا في البحر، وسيعذبون في الآخرة بالنار.
ثم أوضح الله تعالى ذلك العذاب السيء، فقال:
{النّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَعَشِيًّا، وَيَوْمَ تَقُومُ السّاعَةُ، أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ} أي إن أرواح فرعون وقومه بعد موتهم في عالم البرزخ، وقبل مجيء القيامة تعرض على النار وتحرق فيها صباحا ومساء إلى قيام الساعة، فإذا كان يوم القيامة اجتمعت أرواحهم وأجسادهم في النار، ويقال للملائكة:
أدخلوا آل فرعون في جهنم، حيث يكون العذاب فيها أشد ألما وأعظم نكالا
أخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن ابن عمر قال: قال رسول الله ص:
«إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي، إن كان من أهل الجنة