للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - جعل إبراهيم عليه السلام كلمة التّوحيد ومقالته السابقة: {إِنَّنِي بَراءٌ مِمّا تَعْبُدُونَ} باقية في عقبه، وهم ذريته، ولده وولد ولده، أي إنهم توارثوا البراءة من عبادة غير الله، وأوصى بعضهم بعضا في ذلك. والعقب: من يأتي بعده.

٤ - قال ابن العربي: كان لإبراهيم في الأعقاب دعوتان مجابتان:

إحداهما-في قوله: {إِنِّي جاعِلُكَ لِلنّاسِ إِماماً قالَ: وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ:}

{لا يَنالُ عَهْدِي الظّالِمِينَ} [البقرة ١٢٤/ ٢]، فقد قال له: نعم، إلا من ظلم منهم، فلا عهد له.

ثانيهما-قوله: {وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ} [إبراهيم ٣٥/ ١٤].

وقيل: بدل الأولى: {وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ} [الشعراء ٨٤/ ٢٦]، فكلّ أمّة تعظّمه، بنوه وغيرهم ممن يجتمع معه في سام أو في نوح (١).

٥ - وقال ابن العربي أيضا: جرى ذكر العقب هاهنا موصولا في المعنى بالحقب، أي متّصلا مستمرا على ممرّ السنين، وذلك مما يدخل في الأحكام وترتب عليه عقود العمرى (٢) أو التّحبيس،

قال النّبي صلّى الله عليه وسلّم فيما أخرجه أبو داود والنسائي، عن جابر: «أيّما رجل أعمر عمرى له ولعقبه، فإنها للذي أعطيها، لا ترجع إلى الذي أعطاها، لأنه أعطى عطاء وقعت فيه المواريث» (٣)، أي إن الهبات والأوقاف تشمل الدرجة الأولى من الأولاد ذكورا وإناثا، وولد الذّكور دون الإناث لغة وشرعا في الدرجة الثانية وما يليها، وهذا مذهب المالكية.


(١) أحكام القرآن: ١٦٦٦/ ٤
(٢) العمرى: تمليك الشيء مدة العمر.
(٣) أحكام القرآن، المرجع والمكان السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>