وقال جماعة كابن عبد البرّ وغيره: إن ولد البنات من الأولاد والأعقاب يدخلون في الأحباس (الأوقاف الذّرية أو الأهلية).
٦ - عجبا لقريش وأمثالها متّعهم الله وآباءهم بوافر النّعم في الدنيا، ولما جاء الحقّ وهو القرآن المشتمل على التوحيد والإسلام الذي هو أصل دين إبراهيم، وكلمته الباقية في عقبه، وجاءهم الرّسول محمد صلّى الله عليه وسلّم، كفروا به وقالوا: إنه سحر لا وحي.
٧ - وقالوا أيضا: هلا نزل هذا القرآن على رجل عظيم من إحدى القريتين: مكة والطائف، إما الوليد بن المغيرة عبد الله بن عمر بن مخزوم عم أبي جهل من مكة، وإما أبو مسعود عروة بن مسعود الثقفي من الطائف، ظانين أن النبوة لصاحب المنصب العالي والرجل الشريف وهو كثير المال، رفيع الجاه.
وفاتهم أن معيار الاصطفاء للنّبوة إنما هو القيم الرّوحية والأدبية والنّفسية.
وفاتهم أيضا أنهم يتدخلون في ولاية الله وسلطانه ومشيئته، فيضعون النّبوة حيث شاؤوا، وهذا افتئات على سلطان الله، فإن مرسل الرّسل هو الذي يختارهم، وفاتهم كذلك أن رحمة الله وفضله ونعمته في الآخرة وهي الجنة، ونعمته في الدنيا وهي النبوة أفضل مما يجمعون من الدنيا.
٨ - إن الله سبحانه هو لا غيره الذي يقسم الأرزاق والحظوظ بين عباده، بمقتضى حكمته ومشيئته، فيفقر قوما ويغني آخرين، فإذا لم يكن أمر الدنيا لأحد من العباد، فكيف يفوّض أمر النّبوة إليهم؟! ٩ - وإن الله تعالى هو الذي يفاضل بين عباده ويفاوت بينهم في مقومات الحياة وقيمها من القوة والضعف، والعلم والجهل، والحذاقة والبلاهة، والشهرة والخمول، لأن تحقيق المساواة في هذه الأمور يؤدي إلى الإخلال بنظام العالم،