القلوب. ويصح تأويل زيادة الإيمان بأنه الإيمان بالشرائع بعد إيمانهم بالله، قال ابن عباس: إن أول ما أتاهم به النبي صلّى الله عليه وسلّم التوحيد، فلما آمنوا بالله وحده أنزل الصلاة ثم الزكاة ثم الجهاد ثم الحج.
ثم ذكر الله تعالى أنه لو شاء لانتصر من الكافرين، فقال:
{وَلِلّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ، وَكانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً} أي إن الله تعالى يدبر أمر جنوده في هذا العالم كيف يشاء، من الملائكة والإنس والجن والشياطين، والقوى الكونية في السماء والأرض كالزلازل والبراكين والأعاصير والبحار والأنهار ونحوها، فالله قادر على إرسال ملك واحد، يبيد الجبال والبلاد، ولكنه تعالى شرع لعباده الجهاد والقتال لحكمة بالغة ومصلحة عالية، لذا قال تعالى:{وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً} أي كان الله ولا يزال عليما بمصالح خلقه، حكيما في صنعه وتقديره وتدبيره. وهذا منسجم مع موقف أبي بكر الذي عرف برسوخ الإيمان، أما عمر بن الخطاب فتساءل عن عدم التكافؤ الظاهري في شروط الصلح، وقال: ألسنا على الحق وهم على الباطل فعلام نعطي الدنية في ديننا؟ ولكن إيمانه لم يتزعزع، بل إن ذلك يدل على مزيد الإيمان والغيرة على مصالح المسلمين في تقديره، ثم أنزل الله الطمأنينة على قلبه وقلوب أمثاله، وشرحها لما رآه النبي صلّى الله عليه وسلّم، وصدقت الأيام رأيه.
ثم ذكر الله تعالى ما وعد به أهل الإيمان، فقال:
{لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ، خالِدِينَ فِيها، وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ، وَكانَ ذلِكَ عِنْدَ اللهِ فَوْزاً عَظِيماً} أي يبتلي الله بجنوده من شاء ليدخل المؤمنين ويعذّب غير المؤمنين، أو أنزل السكينة أو إنا فتحنا ليترتب عليه دخول المؤمنين والمؤمنات جنات (بساتين) تجري الأنهار من