للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

به. وربما احتج نفاة القياس بهذه الآية، وهو باطل منهم، فإن ما قامت دلالته، فليس في فعله تقديم بين يديه، وقد قامت دلالة الكتاب والسنة على وجوب القول بالقياس في فروع الشريعة، فليس فيه تقديم بين يديه (١).

٤ - الأمر بالتقوى وإيجابها عام في كل الأوامر والنواهي الشرعية، ومنها التقدم بين يدي الله تعالى ورسوله صلّى الله عليه وسلّم المنهي عنه، والله يراقب الناس، فهو سميع لأقوالهم، عليم بأفعالهم.

٥ - يجب خفض الصوت أثناء مخاطبة النبي صلّى الله عليه وسلّم والامتناع من الجهر بالأصوات أعلى من صوته، وإلا لم يتحقق من المؤمنين الاحترام الواجب للنبي صلّى الله عليه وسلّم. وليس المراد النهي عن الجهر مطلقا بحيث يلزم الهمس، وإنما النهي عن جهر مخصوص مقيد بصفة، وهو الخالي عن مراعاة أبهة النبوة وجلالة مقدارها، وانحطاط‍ سائر الرتب عنها.

٦ - ويجب أيضا على المؤمنين ألا يخاطبوا النبي صلّى الله عليه وسلّم بقولهم: يا محمد، ويا أحمد، ولكن: يا نبي الله، ويا رسول الله، توقيرا له.

والهدف من هذين الواجبين تعظيم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وتوقيره، وخفض الصوت بحضرته وعند مخاطبته.

٧ - قال القاضي أبو بكر بن العربي: حرمة النبي صلّى الله عليه وسلّم ميتا كحرمته حيا، وكلامه المأثور بعد موته في الرفعة مثل كلامه المسموع من لفظه، فإذا قرئ كلامه وجب على كلّ حاضر ألا يرفع صوته عليه، ولا يعرض عنه، كما كان يلزمه ذلك في مجلسه عند تلفظه به، وقد نبّه الله تعالى على دوام الحرمة المذكورة على مرور الأزمنة بقوله تعالى: {وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا}


(١) تفسير القرطبي: ٣٠٢/ ١٦ وما بعدها، أحكام القرآن: ١٧٠١/ ٤ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>