[الأعراف ٢٠٤/ ٧] وكلام النبي صلّى الله عليه وسلّم من الوحي وله من الحرمة مثل ما للقرآن إلا معاني مستثناة، بيانها في كتب الفقه (١).
٨ - إن النهي المذكور عن رفع الصوت هو الصوت الذي لا يناسب ما يهاب به العظماء ويوقّر الكبراء. أما الصوت المرفوع الذي يقصد به الاستخفاف والاستهانة، فلا شك أنه كفر. وأما الصوت الذي يرفع في حرب أو مجادلة معاند أو إرهاب عدو ونحو ذلك، فليس منهيا عنه، لأنه لمصلحة، ففي الحديث أنه صلّى الله عليه وسلّم قال للعباس بن عبد المطلب لما انهزم الناس يوم حنين:«اصرخ بالناس» وكان العباس أجهر الناس صوتا، يروى أن غارة أتتهم يوما، فصاح العباس:
يا صباحاه! فأسقطت الحوامل لشدة صوته.
٩ - إن مخالفة النهي في الآية برفع الصوت أكثر من الحالة المتوسطة المعتادة يؤدي إلى إحباط الأعمال وإبطال الثواب. وليس قوله:{أَنْ تَحْبَطَ أَعْمالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ} بموجب أن يكفر الإنسان وهو لا يعلم، فكما لا يكون الكافر مؤمنا إلا باختياره الإيمان على الكفر، كذلك لا يكون الكافر كافرا من حيث لا يعلم. ويكون قوله {وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ} إشارة إلى أن ارتكاب المآثم يجر الأعمال إلى الحبوط من حيث لا يشعر المرء به.
١٠ - إن الذي يخفضون أصواتهم عند رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا تكلموا إجلالا له، أو كلموا غيره بين يديه إجلالا له، أولئك الذين اختص الله قلوبهم للتقوى، وطهرهم من كل قبيح، وجعل في قلوبهم الخوف من الله والتقوى، ولهم مغفرة لذنوبهم، وثواب عظيم وهو الجنة.
١١ - إن أعراب بني تميم الذين وفدوا على النبي صلّى الله عليه وسلّم، فدخلوا مسجد المدينة، ونادوا النبي صلّى الله عليه وسلّم من وراء حجرته أن اخرج إلينا، فإن مدحنا زين،