ذلك إلا ما رجحت مصلحته، كما في الجرح والتعديل والنصيحة،
كقوله صلّى الله عليه وسلّم لما استأذن عليه ذلك الرجل الفاجر فيما رواه البخاري عن عائشة:«ائذنوا له، بئس أخو العشيرة».
وكقوله صلّى الله عليه وسلّم لفاطمة بنت قيس رضي الله عنها، وقد خطبها معاوية وأبو الجهم:«أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه، وأما معاوية فصعلوك لا مال له»(١).
وتحريم الغيبة مرتبط بحماية الكرامة الإنسانية، ثبت في الأحاديث الصحيحة من غير وجه
أنه صلّى الله عليه وسلّم قال في خطبة حجة الوداع فيما رواه الشيخان عن أبي بكرة:«إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا».
وروى أبو داود والترمذي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «كل المسلم على المسلم حرام: ماله وعرضه ودمه، حسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم».
وروى أبو داود أيضا عن أبي بردة البلوي قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:
«يا معشر من آمن بلسانه، ولم يدخل الإيمان في قلبه، لا تغتابوا المسلمين ولا تتّبعوا عوراتهم، فإن من يتبع عوراتهم يتبع الله عورته، ومن يتبع الله عورته، يفضحه في بيته».
{وَاتَّقُوا اللهَ، إِنَّ اللهَ تَوّابٌ رَحِيمٌ} أي واتقوا الله فيما أمركم به ونهاكم عنه، فراقبوه في ذلك واخشوا منه، وأكرهوا الغيبة وتباعدوا عنها، إن الله تواب على من تاب إليه، رحيم بمن رجع إليه واعتمد عليه.
قال جمهور العلماء: طريق المغتاب للناس في توبته أن يقلع عن ذلك، وأن يعزم على ألا يعود، ويندم على ما فعل، وأن يتحلل من الذي اغتابه. وقال آخرون: لا يشترط أن يتحلله، فإنه إذا أعلمه بذلك، ربما تأذى أشد مما إذا لم