يعلم بما كان منه، فطريقه إذن أن يثني عليه في المجالس التي كان يذمه فيها، وأن يرد عنه الغيبة بحسبه وطاقته، لتكون تلك بتلك، كما
روى الإمام أحمد وأبو داود عن معاذ بن أنس الجهني رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال:«من حمى مؤمنا من منافق يغتابه، بعث الله تعالى إليه ملكا يحمي لحمه يوم القيامة من نار جهنم، ومن رمى مؤمنا بشيء يريد سبه، حبسه الله تعالى على جسر جهنم حتى يخرج مما قال».
٧ - المساواة بين الناس في الأصل والمنشأ، والتفاضل بالتقوى:
{يا أَيُّهَا النّاسُ، إِنّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى، وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا، إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ، إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} كان النداء السابق لأهل الإيمان لتأديبهم بالأخلاق الفاضلة، ونادى هنا بصفة الناس الذي هو اسم الجنس الإنساني، ليناسب بيان المطلوب، ويؤكد ما نهى عنه سابقا، وليعمم الخطاب للناس جميعا منعا من السخرية واللمز وغير ذلك على الإطلاق، فقال:
{يا أَيُّهَا النّاسُ} الآية.
والمعنى: أيها البشر، إنا خلقناكم جميعا من أصل واحد، من نفس واحدة، من آدم وحواء، فأنتم متساوون، لأن نسبكم واحد، ويجمعكم أب واحد وأم واحدة، فلا موضع للتفاخر بالأنساب، فالكل سواء، ولا يصح أن يسخر بعضكم من بعض، ويلمز بعضكم بعضا، وأنتم إخوة في النسب.
وقد جعلناكم شعوبا (أمة كبيرة تجمع قبائل) وقبائل دونها لتتعارفوا لا لتتناكروا وتتحالفوا، والمقصود أن الله سبحانه خلقكم لأجل التعارف، لا للتفاخر بالأنساب.
وإن التفاضل بينكم إنما هو بالتقوى، فمن اتصف بها كان هو الأكرم والأشرف والأفضل، فدعوا التفاخر، إن الله عليم بكم وبأعمالكم، خبير ببواطنكم وأحوالكم وأموركم.