للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تاما بالقلب، وإقرارا باللسان، ثم لم يشكّوا ولم يتزلزلوا، بل ثبتوا على حال واحدة، وهي التصديق المحض، وجاهدوا بالأموال والأنفس حق الجهاد، من أجل طاعة الله وابتغاء مرضاته، قاصدين بجهادهم إعلاء كلمة الله ودينه، أولئك المتصفون بهذه الصفات المذكورة هم الصادقون بالاتصاف بصفة الإيمان، والدخول في عداد المؤمنين، لا كبعض الأعراب الذين أظهروا الإسلام، ولم يطمئن الإيمان في قلوبهم.

روى الإمام أحمد عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: إن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «المؤمنون في الدنيا على ثلاثة أجزاء: الذين آمنوا بالله ورسوله، ثم لم يرتابوا، وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله، والذي يأمنه الناس على أموالهم بأنفسهم، والذي إذا أشرف على طمع تركه الله عز وجل».

ثم عرفهم الله تعالى بأنه عالم بحقيقة أمرهم قائلا:

{قُلْ: أَتُعَلِّمُونَ اللهَ بِدِينِكُمْ؟ وَاللهُ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ، وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} قل لهم أيها الرسول: أتخبرون الله بما في ضمائركم من الدين، ليعلم بذلك حيث قلتم: آمنا؟ والله عالم لا يخفى عليه شيء، يعلم كل ما في السموات وما في الأرض من جمادات ونباتات وحيوانات وإنس وجن، فكيف يجهل حقيقة ما تدّعونه من الإيمان؟ والله لا تخفى عليه خافية من ذلك، يعلم بكل شيء، فاحذروا أن تدّعوا شيئا خلاف ما في قلوبكم.

وفيه إشارة إلى أن الدين ينبغي أن يكون لله، وأنتم أظهرتموه لنا، لا لله، فلا يقبل ذلك منكم.

ثم أوضح الله تعالى أن إسلامهم لم يكن لله، فقال:

{يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا} أي يعدّون إسلامهم منّة ونعمة عليك أيها

<<  <  ج: ص:  >  >>