للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فبعد أن علم وتيقن أنهم ملائكة أرسلوا لأمر خطير، قال لهم: فما شأنكم وقصتكم أيها الملائكة المرسلون سوى البشارة؟ وإنما عرف كونهم مرسلين لقولهم هنا: {كَذلِكَ قالَ رَبُّكِ} فهذا يدل على كونهم منزلين من عند الله، حيث حكوا قول الله.

٢ - أجابوه بأنهم أرسلوا إلى قوم مجرمين هم قوم لوط‍، لرجمهم بحجارة معروفة بأنها حجارة العذاب، قيل: على كل حجر اسم من يهلك به. وإنما قال: {مِنْ طِينٍ} لإفادة أن الحجارة من طين متحجر وهو السجّيل، ولدفع توهم كونها بردا، فإن بعض الناس يسمي البرد حجارة.

٣ - كانت الحاجة إلى قوم من الملائكة، مع أن الواحد منهم يقلب المدائن بريشة من جناحه، إظهارا لقدرة الله وتعظيمه وشدة سلطانه وغلبة جنده.

٤ - جرت سنة الله تعالى في إنزال الهلاك والدمار العام بإنجاء المؤمنين وتمييزهم، فلما أراد إهلاك قوم لوط‍ أمر نبيه لوطا بأن يخرج هو مع المؤمنين من أهل بيته إلا امرأته، لئلا يهلك المؤمنون، وذلك قوله تعالى: {فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ} [هود ٨١/ ١١].

٥ - دلّ قوله تعالى: {فَأَخْرَجْنا مَنْ كانَ فِيها مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} على فائدتين (١):

إحداهما-بيان القدرة والاختيار، لتمييز الله المجرم عن المحسن.

الثانية-بيان أنه ببركة المحسن ينجو المسيء، فإن القرية ما دام فيها المؤمن لم تهلك، فلما خرج من القرية آل لوط‍ المؤمنون، نزل العذاب بالباقين.


(١) تفسير الرازي: ٢١٨/ ٢٨

<<  <  ج: ص:  >  >>