فقوله:{وَكِتابٍ مَسْطُورٍ} يشمل الكتب المنزلة المكتوبة التي تقرأ على الناس جهارا، كالتوراة والزبور والإنجيل والقرآن. وقيل: هو اللوح المحفوظ.
وقرن الكتاب بالطور، لإنزاله على موسى وهو فيه، وقوله:{مَنْشُورٍ} إشارة إلى الوضوح.
{وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ، وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ، وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ} أي والكعبة المشرفة التي تعمر بالحجاج والزوار والمجاورين الذين يقصدونها للعبادة والدعاء والتبرك بها. والسماء العالية التي هي كالسقف للأرض وما حوتها من شموس وأقمار وكواكب ثابتة وسيّارة وعوالم لا يحصيها إلا الله تعالى.
والبحر المملوء ماء، المحبوس عن الأرض اليابسة، والموقد نارا كالتنّور المحمى الذي يتفجر بالنار الملتهبة يوم القيامة، كما قال تعالى:{وَإِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ}[التكوير ٦/ ٨١] روي: أن البحار تسجر يوم القيامة، فتكون نارا.
ومن المعروف أن النفط يستخرج من قاع البحار كالأرض اليابسة، وتتصاعد منه بين الحين والآخر الزلازل والبراكين.
وقرن السقف المرفوع بالبيت المعمور ليعلم شأن الكعبة، وأماكن شعائر الإسلام، وعظمة قدر النبي محمد صلى الله عليه وسلم الذي ناجى ربه فيه قائلا:«سلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، لا أحصي ثناء عليك كما أثنيت على نفسك». كما أن يونس عليه السلام كلّم ربه في البحر قائلا:{لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ، سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظّالِمِينَ}[الأنبياء ٨٧/ ٢١].
وتنكير الكتاب وتعريف باقي الأشياء لتعظيمه وشهرة معرفته، حتى إنه ما احتاج إلى تعريف، أما بقية الأشياء فاحتاجت إلى التعريف.
ثم ذكر الله تعالى جواب القسم قائلا:
{إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ لَواقِعٌ، ما لَهُ مِنْ دافِعٍ} هذا هو المقسم عليه أو جواب القسم، أي أقسم بتلك المخلوقات العظيمة على أن عذاب الآخرة لواقع كائن لا محالة