لمن يستحقه من الكافرين والعصاة الذين كذبوا الرسل، ليس له دافع يدفعه ويردّه عن أهل النار. وقوله:{لَواقِعٌ} فيه إشارة إلى الشدة. وقوله:
{عَذابَ رَبِّكَ} ليأمن النبي وكل مؤمن حين يسمع لفظ الرب، فإن اسم الله منبئ عن العظمة والهيبة، واسم الرب ينبئ عن اللطف.
ثم بيّن الله تعالى ما يصاحب وقوع العذاب يوم القيامة، فقال:
{يَوْمَ تَمُورُ السَّماءُ مَوْراً، وَتَسِيرُ الْجِبالُ سَيْراً} أي إن العذاب لواقع يوم تضطرب السماء اضطرابا ويموج بعضها في بعض موجا، وتتحرك في مكانها، وتزول الجبال من مواضعها كسير السحاب، وتصير هباء منبثا، وتنسف نسفا.
والحكمة في مور السماء وسير الجبال: الاعلام بألا عودة إلى الدنيا، لخرابها وعمارة الآخرة، لأن الأرض والجبال والسماء والنجوم كلها لعمارة الدنيا والانتفاع لبني آدم بها، فإن لم يؤمل العود إليها، لم يبق فيها نفع.
ثم ذكر الله تعالى من يقع عليه العذاب وينزل عليه يوم القيامة، فقال:
{فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ، الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ} أي ويل-وهي كلمة تقال للهالك-لأولئك الذين كذبوا الرسل، ذلك اليوم، من عذاب الله ونكاله بهم وعقابه لهم، فمن لا يكذّب لا يعذّب بنحو دائم، والمكذبون الذين كانوا في الدنيا في تردد وخوض في الباطل، واندفاع فيه، لا يذكرون حسابا، ولا يخافون عقابا، ويتخذون دينهم هزوا ولعبا، ويخوضون في أمر محمد صلى الله عليه وسلم بالتكذيب والاستهزاء. والفاء في قوله:{فَوَيْلٌ} لاتصال المعنى وهو الاعلام بأمان أهل الإيمان. أما أهل الكبائر فلا يستمر تعذيبهم ولا يخلّدون في النار، لأنهم لا يكذّبون الرسل.
وأسلوب إلقاء المكذبين في النار هو ما ذكره تعالى بقوله: