للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ينفقون أموالهم كمثل زارع زرع في الأرض حبة، فأنبتت الحبة سبع سنابل، فشبه المتصدّق بالزارع، وشبّه الصدقة بالبذر، فيعطيه الله بكل صدقة له سبعمائة حسنة.

٢ - وهي تشمل الإنفاق المندوب إليه، والواجب أيضا؛ لأن سبل الله كثيرة، ولا حاجة للقول: بأنها نزلت قبل آية الزكاة، ثم نسخت بآية الزكاة؛ لأن الإنفاق في سبيل الله مندوب إليه في كلّ وقت.

٣ - وقد ورد القرآن بأن الحسنة في جميع أعمال البر بعشر أمثالها، واقتضت هذه الآية أن نفقة الجهاد حسنتها بسبعمائة ضعف، ثم دلّ قوله تعالى: {وَاللهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ} على أنه تعالى يضاعف لمن يشاء أكثر من سبعمائة ضعف، بدليل حديث ابن عمر المتقدم في مناسبة الآية.

٤ - وفي هذه الآية دليل على أن اتّخاذ الزرع من أعلى الحرف التي يتّخذها الناس، والمكاسب التي يشتغل بها العمال، ولذلك ضرب الله به المثل، فقال:

{مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ}. و

في صحيح مسلم عن النّبي صلّى الله عليه وسلّم: «ما من مسلم يغرس غرسا، أو يزرع زرعا، فيأكل منه طير، أو إنسان، أو بهيمة، إلا كان له صدقة»، و

أخرج الترمذي عن عائشة قالت: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:

«التمسوا الرزق في خبايا الأرض» يعني الزرع. والزراعة من فروض الكفاية، فيجب على الإمام أن يجبر الناس عليها، وغرس الأشجار في معناها.

٥ - الإنفاق في سبيل الله دون منّ ولا أذى سبب لرضوان الله، كما رضي الله ورسوله عن عثمان الذي جهز جيش العسرة، وجاء بألف دينار ووضعها بين يدي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم،

فقال: «ما ضرّ ابن عفان ما عمل بعد اليوم، اللهم لا تنس هذا اليوم لعثمان».

وهذا الرضا الإلهي والثواب العظيم إنما هو لمن لا يتبع إنفاقه منّا ولا أذى؛

<<  <  ج: ص:  >  >>