لأن المنّ والأذى مبطلان لثواب الصدقة، كما أخبر تعالى:{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذى.}. وإنما على المرء أن يريد وجه الله تعالى وثوابه بإنفاقه على المنفق عليه، ولا يرجو منه شيئا، قال تعالى:{إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ، لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَلا شُكُوراً}[الإنسان ٩/ ٧٦]. ومن طلب بعطائه الجزاء والشكر والثناء، كان صاحب سمعة ورياء. قال ابن عباس: في قوله تعالى: {وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ}[المدثر ٦/ ٧٤]، أي لا تعط عطية تلتمس بها أفضل منها.
٦ - المنّ من الكبائر، والمنّ: ذكر النعمة على معنى التعديد لها والتقريع بها، مثل أن يقول: قد أحسنت إليك، ونعشتك ونحوه، وقال بعضهم: المنّ:
التحدّث بما أعطى حتى يبلغ ذلك المعطى فيؤذيه. ودليل كونه من الكبائر:
ما ثبت في صحيح مسلم وغيره، وأنه أحد الثلاثة الذين لا ينظر الله إليهم، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم.
وروى النسائي عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة: العاق لوالديه، والمرأة المترجّلة تتشبه بالرجال، والدّيوث. وثلاثة لا يدخلون الجنة: العاقّ لوالديه، والمدمن الخمر، والمنّان بما أعطى»(١).
والأذى: السب والتشكي، وهو أعم من المنّ؛ لأن المنّ جزء من الأذى، لكنه نص عليه لكثرة وقوعه.
والمن والأذى هادم للفائدة المقصودة من الصدقة ومبطل لها: وهو تخفيف بؤس المحتاجين ودفع غائلة الفقر عنهم.
٧ - جعل الله تعالى ثواب النفقة في سبيله أمورا ثلاثة: ضمن الله له الأجر،
(١) وروى القسم الأخير أيضا ابن مردويه وابن حبان والحاكم في مستدركه.