للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التي كانت واجبة عليهم من الخلوة واللباس الخشن، والاعتزال عن النساء، والتعبد في المغاور والكهوف.

عن ابن عباس: أن في أيام الفترة بين عيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام غيّر الملوك التوراة والإنجيل، فساح قوم في الأرض، ولبسوا الصوف.

٦ - آتى الله الذين آمنوا من أتباع عيسى والذين ابتدعوا الرهبانية أولا ورعوها أجرهم المستحق لهم، وكان كثير من المتأخرين بعدئذ فاسقين خارجين عن حدود الله وطاعته، كافرين بما جاء به عيسى وموسى عليهما السلام، ولما بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم، ولم يبق منهم إلا قليل، جاؤوا من الكهوف والصوامع والمغاور، فآمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم.

٧ - هذه الآية: {وَرَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها} دالة على أن كل محدثة بدعة، فينبغي لمن ابتدع خيرا أن يدوم عليه، ولا يعدل عنه إلى ضده، فيدخل في الآية.

وفيها أيضا دليل على أن العزلة عن الناس في الصوامع والبيوت مندوب إليه عند فساد الزمان وتغيّر الأصدقاء والإخوان.

٨ - أمر الله تعالى صراحة مؤمني أهل الكتاب (الذين آمنوا بموسى وعيسى) أن يتقوا الله حق تقاته باتباع أوامره واجتناب نواهيه، وأن يؤمنوا برسوله محمد صلى الله عليه وسلم، فإن فعلوا كان لهم مثلان من الأجر على إيمانهم بعيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم، وهذا مثل قوله تعالى: {أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِما صَبَرُوا} [القصص ٥٤/ ٢٨].

ويجعل الله لهم أيضا نورا، أي بيانا وهدى إلى الحق في الدنيا، وضياء يمشون به على الصراط‍، وفي القيامة إلى الجنة، ويغفر لهم ذنوبهم وسيئاتهم. وهذا وعد من الله منجز في أمور ثلاثة كما تقدم: مضاعفة الثواب، وجعل النور، وغفران الاثام.

<<  <  ج: ص:  >  >>