للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٩ - رد الله تعالى بقوله: {لِئَلاّ يَعْلَمَ.}. بما يأتي على بني إسرائيل الذين كانوا يقولون: الوحي والرسالة فينا، والكتاب والشرع ليس إلا لنا، والله تعالى خصنا بهذه الفضيلة العظيمة من بين جمع العالمين.

إن النبوة ليست مختصة بهم، وغير حاصلة إلا في قومهم، فهم لا يقدرون على تخصيص فضل الله بقوم معينين، ولا يمكنهم حصر النبوة والرسالة في قوم مخصوصين، وأن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء من عباده، ولا اعتراض عليه في ذلك.

وهذا المفهوم على القول المشهور عند أكثر المفسرين بأن (لا) في قوله تعالى: {لِئَلاّ يَعْلَمَ} صلة زائدة مؤكدة، أي ليعلم أهل الكتاب أنهم عاجزون عن منح أحد شيئا من فضل الله تعالى.

وعلى قول أبي مسلم الأصفهاني وجمع آخرين: أن هذه الكلمة ليست بزائدة، يكون المفهوم والمستفاد من الآية: لئلا يعلم أهل الكتاب أن النبي والمؤمنين لا يقدرون على شيء من فضل الله، وأنهم إذا لم يعلموا أنهم لا يقدرون عليه فقد علموا أنهم يقدرون عليه (١)، وليعلموا أن الفضل بيد الله، ويكون تقدير الآية:

إنا فعلنا كذا وكذا لئلا يعتقد أهل الكتاب أنهم يقدرون على حصر فضل الله وإحسانه في أقوام معينين، وليعتقدوا أن الفضل بيد الله، فيكون في هذا القول تقدير محذوف وهو: وليعتقدوا أن الفضل بيد الله. وأما القول الأول فاحتاج إلى حذف شيء موجود، ومن المعلوم أن الإضمار أولى من الحذف (٢).


(١) لأن نفي النفي إثبات، كما تقول: لا تصدّق فلانا أنه ما قال كذا، أي قال.
(٢) تفسير الرازي، ٢٤٧/ ٢٩ - ٢٤٨

<<  <  ج: ص:  >  >>