٨ - هدد الله حفصة وعائشة بأنهما إن تتظاهرا وتتعاونا على النبي صلى الله عليه وسلم بالمعصية والإيذاء، فهناك حملة صون وحفظ وعصمة وحراسة له من الله والملائكة وجبريل والمؤمنين الصالحين، كأبي بكر وعمر أبوي عائشة وحفصة.
٩ - وهددهما بتهديد آخر أشد ألما ووقعا على النفس، وهو إن طلقهما وطلّق زوجاته، أبدله الله زوجات خيرا وأفضل منهن في الدنيا والآخرة. وهذا وعد من الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم، وإخبار عن القدرة الإلهية وتخويف لهم، مع علمه تعالى بأنه لا يطلقهن.
وأوصاف النساء اللاتي يبدله الله بدلا عن زوجاته الحاليات في غاية الكمال، وهي كونهن مسلمات لأمر الله تعالى وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم، مصدقات بما أمرن به ونهين عنه، مطيعات، تائبات من ذنوبهن، كثيرات العبادة لله تعالى، صائمات أو مهاجرات، ثيّبات وأبكارا، أي منهن ثيّب، ومنهن بكر.
١٠ - حينما أفشت حفصة السر لعائشة، آلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يدخل على نسائه شهرا، فاعتزلهن تسعا وعشرين ليلة، فأنزل الله عز وجل:{لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللهُ لَكَ} الآية،
وهذا ما رواه الدارقطني عن ابن عباس عن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم حرّم على نفسه مارية.
وروى مسلم في صحيحة قصة طويلة مفادها: لما اعتزل نبي الله صلى الله عليه وسلم نساءه، وقال الناس في المسجد: طلّق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه، وذلك قبل الأمر بالحجاب، دخل عمر على كل من عائشة وحفصة يعاتبهما على إيذائهما رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثم دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو مضطجع على حصير، فجلس، وإذا الحصير قد أثّر في جنبه، فقال عمر: فنظرت ببصري في خزانة رسول الله صلى الله عليه وسلم،