وثبت في الصحيحين عن أنس قال:«خدمت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عشر سنين، فما قال لي: أفّ قط، ولا قال لشيء فعلته: لم فعلته؟ ولا لشيء لم أفعله:
ألا فعلته؟».
وأخرج أحمد عن عائشة قالت: ما ضرب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بيده خادما له قط، ولا ضرب امرأة، ولا ضرب بيده شيئا قط، إلا أن يجاهد في سبيل الله، ولا خيّر بين شيئين قط، إلا كان أحبّهما إليه أيسرهما، حتى يكون إثما، فإذا كان إثما، كان أبعد الناس من الإثم، ولا انتقم لنفسه من شيء يؤتى إليه إلا أن تنتهك حرمات الله، فيكون هو ينتقم لله عزّ وجلّ».
وبعد وصفه بأنه على خلق عظيم أوعد الله تعالى المشركين وهددهم بقوله:
{فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ} أي ستعلم يا محمد، وسيعلم الكفار المشركون مخالفوك ومكذبوك في الدنيا ويوم القيامة من المفتون المجنون الضالّ منكم ومنهم؟ وهذا ردّ على زعمهم أن محمدا صلّى الله عليه وسلّم كان مفتونا ضالاّ. فالمراد بالمفتون: الذي فتن بالجنون. وهو أسلوب رفيع من الخطاب، فيه البعد عن الإثارة، ولفت النظر والعقل.
{إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ، وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} أي إن الله ربّك يعلم من هو في الحقيقة الضالّ، أنت أم من اتّهمك بالضلال، ومن هو المهتدي من الفريقين منكم ومنهم، هداية موصلة إلى السعادة العاجلة والآجلة؟