{ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ} أي ثم بترنا الوتين من قلبه، وهو عرق متصل من القلب بالرأس، إذا انقطع مات صاحبه. وهذا تصوير لإهلاكه بأفظع وأشنع ما يفعله الملوك بمن يغضبون عليه.
{فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ} أي ليس منكم أحد يحجزنا عنه ويمنعنا منه أو ينقذه منا، فكيف يجرأ على تكلف الكذب على الله لأجلكم؟! وجمع:
{حاجِزِينَ} على المعنى؛ لأن قوله:{مِنْ أَحَدٍ} في معنى الجماعة، يقع في النفي العام على الواحد والجمع والمذكر والمؤنث، مثل قوله تعالى:{لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ}[البقرة ٢٨٥/ ٢] وقوله سبحانه: {لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ}[الأحزاب ٣٢/ ٣٣]. والمراد لا أحد يمنعنا عن الرسول أو عن القتل.
ثم ذكر الله تعالى أوصافا ومنافع للقرآن، فقال:
{وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ} أي وإن القرآن لعظة وتذكرة لأهل التقوى الذين يخشون عذاب الله بإطاعة أوامره واجتناب نواهيه، كقوله تعالى:
{هُدىً لِلْمُتَّقِينَ}[البقرة ٢/ ٢]. وخص المتقين بالذكر؛ لأنهم المنتفعون به. وناسب ذلك أنه تعالى أوعد المكذبين بقوله:
{وَإِنّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ} أي وإنا لنوقن أن بعضكم يكذب بالقرآن، كفرا وعنادا، ونحن نجازيهم على ذلك، وبعضكم يصدّق به لاهتدائه إلى الحق.
وفي هذا وعيد شديد للمكذبين.
{وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكافِرِينَ} أي وإن هذا القرآن لحسرة وندامة على الكافرين يوم القيامة إذا رأوا ثواب المؤمنين وفضل الله عليهم.
{وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ} أي وإن القرآن هو الخبر الصدق واليقين الحق الذي