ثم ثنّى بالمجاهرة؛ لأن النصح بين الملأ تقريع وتغليظ، فلم يؤثر.
ثم جمع بين الأمرين: الإسرار والإعلان، كما يفعل المجتهد المتحير في التدبير فلم ينفع. ومعنى {ثُمَّ} الدلالة على تباعد الأحوال، وتفاوت درجة الأسلوب، لأن الجهار أغلظ من الإسرار، والجمع بين الأمرين أغلظ من إفراد أحدهما.
وهذا مشابه لمراحل الدعوة التي قام بها النبي صلّى الله عليه وسلّم في مكة وجزيرة العرب، فكان موقف كفار قريش مماثلا لموقف قوم نوح:{وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا:}
{فَقُلْتُ: اِسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ، إِنَّهُ كانَ غَفّاراً} أي فقلت لهؤلاء القوم: سلوا ربكم غفران ذنوبكم السابقة بإخلاص النية، وتوبوا إلى الله من الكفر والمعاصي، إن ربكم الذي خلقكم وربّاكم كثير المغفرة للمذنبين.
وفيه دلالة على أن الاستغفار يوجب زيادة البركة والنماء، لأن الفقر والقحط والآلام والمخاوف بشؤم المعاصي، فإذا تابوا واستغفروا، زال الشؤم والبلاء، وعاد الخير والنماء.
ثم وعدهم على التوبة من الكفر والمعاصي بخمسة أشياء، فقال: