وهذا دليل على أن الاستغفار من أعظم أسباب المطر وحصول أنواع الأرزاق، لذا كان مأمورا به في صلاة الاستسقاء، كما أن الآية تدل على أن الإيمان بالله يجمع لهم مع الحظ الوافر في الآخرة، الخصب والغنى في الدنيا.
وبعد الدعوة بالترغيب، وبخهم ولجأ إلى الدعوة بالترهيب قائلا:
٢ - {ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلّهِ وَقاراً، وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْواراً} أي مالكم لا تخافون عظمة الله، فتوحدوه وتطيعوه، في حين أنه هو الذي خلقكم على أطوار مختلفة، بدءا من النطفة، ثم العلقة، ثم المضغة، ثم العظام فاللحم، ثم تمام الخلق وإنشاؤكم خلقا آخر، تمرون في دور الطفولة، ثم الشباب، ثم الكهولة، ثم الشيخوخة، فكيف تقصرون في توقير من خلقكم على هذه الأطوار البديعة؟ لكن لم يجز الرازي تفسير الرجاء بالخوف؛ لأن الرجاء في اللغة ضد الخوف، ورجح تفسير الزمخشري وهو مالكم لا تأملون لله توقيرا أي تعظيما، والمعنى: ما لكم لا تكونون على حال تأملون فيها تعظيم الله إياكم. و {لِلّهِ} بيان للموقر.
وهذا دليل على وجود الله سبحانه ووحدانيته، معتمد على النظر في النفس الإنسانية، ثم أتبعه بدليل آخر من العالم العلوي، فقال:
٣ - {أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللهُ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً، وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً، وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً} أي ألم تنظروا فوقكم كيف خلق السموات السبع المتطابقة بعضها فوق بعض، وجعل القمر في السموات، وهو في السماء الدنيا منهن، منوّرا لوجه الأرض، لا حرارة فيه، وجعل الشمس كالمصباح المضيء الذي يزيل ظلمة الليل، وينشر الحرارة والضياء.