للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نسيئة؛ فإن العين عند العرب ما كان حاضرا، والذين: ما كان غائبا. وتشمل الآية كلا من بيع العين بالدين كبيع كتاب حاضر بثمن مؤجل، وبيع الدين بالعين: وهو السلم. أما بيع العين بالعين كبيع سلعة حاضرة بنقد حاضر فهو جائز، وأما بيع الدين بالدين كبيع صاع من القمح في ذمة إنسان، بصاعين من الشعير في ذمة إنسان آخر، فهو باطل للنهي عنه.

٣ - دل قوله: {إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى} على أن السلم إلى الأجل المجهول غير جائز، وأكدت السنة ذلك،

فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من أسلف في تمر، فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم» (١). وأجمع أهل العلم على مشروعية السلم: وهو أن يسلم الرجل إلى صاحبه في طعام معلوم موصوف، من طعام أرض عامّة لا يخطئ مثلها، بكيل معلوم، إلى أجل معلوم بدنانير أو دراهم معلومة، يدفع ثمن ما أسلم منه قبل أن يفترق العاقدان من مقامهما الذي تبايعا فيه، وسمّيا المكان الذي يقبض فيه الطعام. والسلم بيع من البيوع الجائزة بالاتفاق، وهو مستثنى من نهيه عليه الصلاة والسلام عن بيع ما ليس عندك، وأرخص في السلم، لحاجة الناس إليه، وقد سماه الفقهاء بيع المحاويج أو بيع المفاليس.

وأجاز المالكية السّلم إلى الحصاد والجذاذ، إذ ذاك يختص بوقت وزمن معلوم. وأجازوا أيضا تأخير قبض رأس المال (الثمن) يومين أو ثلاثة، بشرط‍ وبغير شرط‍، لأن ذلك في حكم المقبوض في المجلس، لقرب هذه المدة. ولم يجز باقي الأئمة تأخير شيء من رأس مال السّلم عن مجلس العقد والاتفاق؛ ورأوا أنه كالصرف، وتحرزا من بيع الدّين بالدّين.


(١) أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما عن ابن عباس.

<<  <  ج: ص:  >  >>