والمعنى على التفسير الثاني وكون الاستثناء منقطعا وهو الراجح لدينا: لكن المؤمنين المتقين، فإن الله يكافئهم بثواب دائم غير منقطع، بسبب صبرهم على ما ابتلوا به من الشيخوخة والهرم والمواظبة على الطاعات بقدر الإمكان، مع ضعف البنية، وفتور الأعضاء، أي أنهم قد يردون إلى أرذل العمر كغيرهم، لكن لهم أجرا كبيرا دائما على أفعالهم.
قال الألوسي: المتبادر من السياق الإشارة إلى حال الكافر يوم القيامة، وأنه يكون على أقبح صورة وأبشعها، بعد أن كان على أحسن صورة وأبدعها؛ لعدم شكره تلك النعمة وعمله بموجبها (١).
أخرج أحمد والبخاري وابن حبان عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إذا مرض العبد أو سافر، كتب الله تعالى له من الأجر مثلما كان يعمل صحيحا مقيما».
وفي رواية عنه: ثم قرأ صلّى الله عليه وسلّم: {فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ}.
وأخرج الطبراني عن شدّاد بن أوس قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: إن الله تبارك وتعالى يقول: «إذا ابتليت عبدا من عبادي مؤمنا، فحمدني على ما ابتليته، فإنه يقوم من مضجعه كيوم ولدته أمه من الخطايا، ويقول الربّ عزّ وجلّ: إني أنا قيّدت عبدي هذا، وابتليته، فأجروا له ما كنتم تجرون له قبل ذلك» وهو حديث صحيح.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس أنه قال في الآية: إذا كبر العبد، وضعف عن العمل، كتب له أجر ما كان يعمل في شبيبته.
ورأى بعضهم أن الاستثناء متصل حتى على القول الثاني، فلا يردّ المؤمن المتقي إلى أرذل العمر، بدليل ما أخرج الحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان