عن ابن عباس قال: من قرأ القرآن لم يردّ إلى أرذل العمر، وذلك قوله تعالى:
{ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ، إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا} قال: إلا الذين قرءوا القرآن.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير نحوه، فقال: من جمع القرآن لم يرد إلى أرذل العمر.
ثم وبّخ الكفار على التكذيب بالجزاء بعد البعث، فقال:
{فَما يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ؟} المراد: فأي شيء يلجئك بعد هذه البيانات والأدلة على قدرة الله إلى أن تكون كاذبا، بسبب تكذيب الجزاء؛ لأن كل مكذّب بالحق فهو كاذب؟ فإذا عرفت أيها الإنسان أن الله خلقك في أحسن تقويم، وأنه يردّك بسبب الكفر أسفل سافلين، فما يحملك على أن تكذب بالبعث والجزاء؟ لقد علمت البدأة، وعرفت أن من قدر على البدأة، فهو قادر على الرجعة بطريق أولى، فأي شيء يحملك على التكذيب بالمعاد، وقد عرفت هذا؟ ثم أكّد ما سبق بقوله:
{أَلَيْسَ اللهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ} أي أما هو أحكم الحاكمين قضاء وعدلا، الذي لا يجور ولا يظلم، ومن عدله أن يقيم القيامة، فينتصف للمظلوم في الدنيا ممن ظلمه؟! أخرج الترمذي عن أبي هريرة مرفوعا:«فإذا قرأ أحدكم: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ}، فأتى على آخرها:{أَلَيْسَ اللهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ} فليقل: بلى، وأنا على ذلك من الشاهدين».