[الملك ١٥/ ٦٧]، {وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ}[المزمل ٢٠/ ٧٣]. وفي الآية (١٣٤) صفات المتّقين الأبرار: وهي الإنفاق في الرّخاء والشّدة، وفي حال الصّحة والمرض؛ وكظم الغيظ وكتمه وردّه في الجوف دون إنفاذ وإمضاء مع القدرة على ذلك، والغيظ أصل الغضب والفرق بينهما: أن الغيظ لا يظهر على الجوارح (الأعضاء) بخلاف الغضب فإنه يظهر في الجوارح مع فعل ما، ولا بدّ أن يظهر، ولهذا جاء إسناد الغضب إلى الله تعالى؛ إذ هو عبارة عن أفعاله في المغضوب عليهم؛ والعفو عن النّاس عند الإساءة، وكل من استحقّ عقوبة فتركت له، فقد عفي عنه، والإحسان بعد الإساءة أعلى المراتب، والإحسان: أن تحسن وقت الإمكان، فليس كلّ وقت يمكنك الإحسان. ومعنى قوله:{وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} أي يثيبهم على إحسانهم.
وهذه أصول الفضائل وأمّهات مكارم الأخلاق. ثم ذكر الله تعالى بقوله:
{وَالَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً..}. صنفا هم دون الصنف الأول، فألحقهم به برحمته ومنّه، وهم التّوابون. ذكر التّرمذي وقال: حديث حسن،
وأبو داود الطيالسي في مسنده عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: حدثني أبو بكر-وصدق أبو بكر-أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال:«ما من عبد يذنب ذنبا، ثم يتوضأ ويصلّي ركعتين، ثم يستغفر الله إلا غفر له»، ثم تلا هذه الآية:{وَالَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ، ذَكَرُوا اللهَ، فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ..}. الآية، والآية الأخرى:{وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ}[النساء ١١٠/ ٤]. والفاحشة تطلق على كلّ معصية، وقد كثر اختصاصها بالزّنى، حتى فسّر جابر بن عبد الله والسّدّي هذه الآية بالزّنى. وذكر الله: معناه الخوف من عقابه والحياء منه، وذكر العرض الأكبر على الله، والتّفكر في النّفس أن الله سائل عن الذّنب.
والاستغفار عظيم وثوابه جسيم، ووقته الأسحار،
روى التّرمذي عن النّبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «من قال: أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحيّ القيوم،