لقوله صلّى الله عليه وسلّم لبعض أصحابه: هل أشرتم؟ هل دللتم؟ قالوا: لا، قال:
إذن فكلوا.
فهذه الآية تدل على أن المحرم ممنوع من الصيد مطلقا داخل الحرم وخارجه، وعلى أن الحلال ممنوع من الصيد داخل الحرم.
ويرى الجمهور أنه لا بأس بأكل المحرم الصيد إذا لم يصد له، ولا من أجله؛
لما رواه النسائي والترمذي والدارقطني عن جابر: أن النّبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «صيد البر لكم حلال ما لم تصيدوه أو يصد لكم».
ورأى الحنفية: أن أكل الصيد للمحرم جائز على كل حال إذا اصطاده الحلال، سواء صيد من أجله أو لم يصد؛ لظاهر قوله تعالى:{لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} فحرّم صيده وقتله على المحرمين، دون ما صاده غيرهم،
ولحديث البهزي-واسمه زيد بن كعب-في رواية مالك وغيره عن النّبي صلّى الله عليه وسلّم في حمار الوحش العقير أنه أمر أبا بكر، فقسمه في الرّفاق.
وحديث أبي قتادة عن النّبي صلّى الله عليه وسلّم وفيه:«إنما هي طعمة أطعمكموها الله» فقد أكل النّبي صلّى الله عليه وسلّم والصحابة مما أهدي إليهم من لحم الحمار الوحشي.
والمراد بالصيد: المصيد، لقوله تعالى:{تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ} واختلف العلماء في المراد بمدلوله، فذهب الحنفية إلى أن المراد منه الحيوان المتوحش مطلقا، سواء أكان مأكولا أم غير مأكول؛ لأن الصيد اسم عام يتناول كل ما يصاد من المأكول ومن غير المأكول، وهو اسم عربي واضح الدلالة على معناه، وقد كانت العرب تصطاد، وتطلق اسم الصيد على كل ما تناولته أيديهم ورماحهم.
وخصه الشافعية بالمأكول؛ لأنّ الذي يحرم أكله ليس بصيد، فوجب أن لا يضمن، وكونه ليس بصيد؛ لأن الصيد: ما يحل أكله؛ لقوله تعالى بعد هذه الآية: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعامُهُ مَتاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيّارَةِ، وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ