فتراخى نصرهم، حتى أيس الرّسل من إيمانهم أو من النّصر عليهم، لانهماكهم في الكفر، وظنّت (أيقنت) الأمم أن الرّسل أخلفوا فيما وعدوهم به من النّصر، وكذّبوهم فيما أخبروهم به عن الله من وعد النّصر، فجاءهم نصرنا، أي أتاهم نصر الله فجأة، فنجّي من نشاء وهم النّبي والمؤمنون، وحلّ العقاب بالمكذّبين الكافرين، ولا يردّ بأسنا، أي لا يمنع عقاب الله وبطشه عن القوم الذين أجرموا، فكفروا بالله وكذّبوا رسله.
والمعنى على قراءة {كُذِبُوا} بالتّشديد: وظنّ الرّسل أن القوم قد كذّبوهم تكذيبا لا إيمان بعده فيما أو عدوهم.
وهذا تهديد ووعيد لكفار قريش وأمثالهم لعدم إيمانهم بالنّبي صلّى الله عليه وسلّم.
وللآية نظائر كثيرة في القرآن الكريم منها ما اشتمل على وعد الله الرّسل بالنّصر:{إِنّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا}[غافر ٥١/ ٤٠]، وقوله تعالى:{كَتَبَ اللهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي، إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ}[المجادلة ٢١/ ٥٨]، ومنها استنجاز النّصر:{وَزُلْزِلُوا حَتّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ، مَتى نَصْرُ اللهِ، أَلا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ}[البقرة ٢١٤/ ٢].
ومنها تقرير سنّة الله الواحدة في عباده وإلحاق النّظائر والأشباه بأمثالها، وأنه لا ظلم فيها ولا محاباة، فكفار قريش مثل الكفار السّابقين في استحقاقهم العذاب لارتكابهم سببه وهو الكفر:{أَكُفّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولئِكُمْ، أَمْ لَكُمْ بَراءَةٌ فِي الزُّبُرِ}[القمر ٤٣/ ٥٤].
ونقل تفسير الآية على قراءة التّشديد:{كُذِبُوا} على النّحو السّابق عن