للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم إن قريشا بعثوه، وبعثوا معه عتبة بن أبي معيط‍ إلى أحبار اليهود بالمدينة، وقالوا لهما: سلوهم عن محمد وصفته، وأخبروهم بقوله، فإنهم أهل الكتاب الأول، وعندهم من العلم ما ليس عندنا من علم الأنبياء، فخرجا حتى قدما إلى المدينة، فسألوا أحبار اليهود عن أحوال محمد، فقال أحبار اليهود:

سلوه عن ثلاث: عن فتية ذهبوا في الدهر الأول ما كان من أمرهم، فإن حديثهم عجب، وعن رجل طواف قد بلغ مشارق الأرض ومغاربها، ما كان نبؤه، وسلوه عن الروح وما هو؟ فإن أخبركم فهو نبي، وإلا فهو متقوّل، فلما قدم النضر وصاحبه مكة قالا: قد جئناكم بفصل ما بيننا وبين محمد، وأخبروا بما قاله اليهود، فجاءوا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وسألوه،

فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: أخبركم بما سألتم عنه غدا، ولم يستثن-لم يقل: إن شاء الله- فانصرفوا عنه، ومكث رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم-فيما يذكرون-خمس عشرة ليلة، حتى أرجف أهل مكة به، وقالوا: وعدنا محمد غدا، واليوم خمس عشرة ليلة، فشق عليه ذلك، ثم جاءه جبريل من عند الله بسورة أصحاب الكهف، وفيها معاتبة الله إياه على حزنه عليهم، وفيها خبر أولئك الفتية، وخبر الرجل الطوّاف (١).

نزول الآية (٢٤): {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ.}.

أخرج ابن جرير عن الضحاك، وابن مردويه عن ابن عباس قال: حلف النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم على يمين، فمضى له أربعون ليلة، فأنزل الله: {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ.}. الآية.

المناسبة:

بعد أن ذكر الله تعالى أنه جعل الزينة على ظهر الأرض، وفي ذلك من العجائب والإبداع ما يفوق القصص وغرائبها، أبان أن قصة أهل الكهف ليست


(١) تفسير الرازي: ٨٣/ ٢١، تفسير الألوسي: ٢١٦/ ١٥

<<  <  ج: ص:  >  >>