للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{قُرْآنٍ} للتفخيم، وقد جمع بين الوصفين: {الْكِتابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ} للدلالة على أنه الكتاب الجامع للكمال، والغرابة في البيان، كما ذكر الزمخشري.

{رُبَما يَوَدُّ.}. أي ولكن الكفار سيندمون يوم القيامة على ما كانوا فيه من الكفر، ويتمنون لو كانوا في الدنيا مسلمين. وكلمة {رُبَما} وإن كانت للتقليل، فهي أبلغ في التهديد. ذكر ابن عباس وابن مسعود وغيرهما من الصحابة: أن كفار قريش لما عرضوا على النار، تمنوا أن لو كانوا مسلمين. قال الزجاج: الكافر كلما رأى حالا من أحوال العذاب، ورأى حالا من أحوال المسلم، ودّ لو كان مسلما.

ونظير الآية قوله تعالى: {وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النّارِ، فَقالُوا: يا لَيْتَنا نُرَدُّ، وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا، وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [الأنعام ٢٧/ ٦].

روى الطبراني عن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إذا اجتمع أهل النار في النار، ومعهم من شاء الله من أهل القبلة، قال الكفار للمسلمين: ألم تكونوا مسلمين؟ قالوا: بلى، قالوا: فما أغنى عنكم الإسلام، وقد صرتم معنا في النار؟ قالوا: كانت لنا ذنوب، فأخذنا بها، فسمع الله ما قالوا، فأمر بمن كان في النار من أهل القبلة، فأخرجوا. فلما رأى ذلك من بقي من الكفار، قالوا: يا ليتنا كنا مسلمين، فنخرج كما خرجوا» قال: ثم قرأ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. {الر. تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ. رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ}.

ثم هددهم الله وأوعدهم بتهديد شديد ووعيد أكيد، فقال:

{ذَرْهُمْ.}. أي دع يا محمد الكفار في ملاهيهم وتمتعهم بلذات دنياهم، يأكلون كما تأكل الأنعام، وتلهيهم الآمال عن التوبة والإنابة أو عن الآخرة والأجل، فسوف يعلمون عاقبة أعمالهم وأمرهم. كقوله تعالى: {قُلْ: تَمَتَّعُوا،

<<  <  ج: ص:  >  >>