من الأشياء التي نريد أن ننبه عليها ببعض الملاحظات، في موضوع الحلق والدروس بعد أن ذكرنا حال الحلق في عهد السلف، وذكرنا بعض الآداب المتعلقة بالحلق مما ذكره أهل العلم في كتب الآداب، هناك ملاحظات، من هذه الملاحظات ما يتعلق بالشيخ، ومنها ما يتعلق بالتلاميذ، ومنها ما يتعلق بمهنج الدرس، ومنها ما يتعلق بوقته وتنظيمه، ونقول هذا الكلام في وقتٍ قلَّ فيه العلماء، ومجالس العلم، فيصبح الواحد أحياناً محتاجاً لأن يقوم بالتعليم، ولكن ينبغي ألا يُعلّم ما لا يعلم أو ما لا يفقه، هب أن مدرساً للتربية الدينية أو التربية الإسلامية في فصل وحوله الطلاب فإنهم ينظرون إليه على أنه شيخ، والأولاد إذا عقد لهم أبوهم درساً في البيت، فإنهم ينظرون إليه كأنه شيخ ومعلم، بل إن كثيراً من الصغار يظنون أن بعض الذين يمسكون الدروس مشايخ، ويعاملونهم على أنهم مشايخ، ويعتقدون فيهم ذلك، فالإنسان إذا اضطر أن يتبوأ مكاناً مثل هذا فعليه أن يعلم ما يحسنه وليس ما لا يحسنه، فهو يعرف أحياناً أنه أقل من مستوى أن يدرس؛ لكن للحاجة قعد، ولولا الحاجة ما صح له أن يقعد، فإذا قلنا هذا مدرس يدرس طلابنا، أو هذا طالب في الجامعة عقد مجلس علم لطلابٍ، فإنه قد يكون عنده شيء من القراءة أو الإلمام أكثر منهم، فينبغي أن يعرف حق الآخرين ويعرف حجم نفسه حتى لا يتقمص شخصية لا يصح له أن يتقمصها، ثم يعامل الآخرين بناءً على ذلك، ولذلك في كثير من الأحيان نضطر بسبب عدم وجود العلماء وطلبة العلم بالقدر الكافي، خصوصاً في مناطق قد لا يكون فيها كليات شرعية، ونحن لا ننظر مثلاً إلى هذه الجزيرة التي فيها بالنسبة لغيرها علماء كثيرون، وحتى إذا قسمت على عدد الناس فسيكون لكل مفتي، يعني: لكل واحد يحسن الإفتاء كم شخصاً من الناس بالنسبة له كذا ألف، يعني: فوق طاقته، فكيف ببقية البلدان التي لو أن الإنسان أحياناً فيها- وخصوصاً الجاليات الذين يعيشون في الخارج- يبحث عن شيخٍ يفتيه وعالمٍ أو صاحب علم يسأله، فلا يجد إطلاقاً، فمن الفتنة أن يحتاج الإنسان إلى معرفة حكم شرعي أو مسألة فلا يجد من يسأله، وحتى في الأماكن التي يوجد فيها علماء قد يصعب الوصول إليهم، لأنه يقول: الهاتف مشغول، أو الشيخ لا يرد، أو أنه غير موجود في بيته، إذاً نحن لا بد أن نتعلم الدين.