وليس المستدينون سواسية، فإنهم أنواع وأصناف، فمن الناس من يستدين وهو يعلم من حاله ودخله أنه سيسدد، ومنهم من يستدين ويعلم من حاله ودخله أنه من المستحيل أن يسدد، ومنهم من يستدين وهو لا يدري هل يستطيع إيفاءه أم لا، وبينهم مراتب متفاوتة، وأشدهم الرجل الذي يستدين وهو يعلم أنه لن يوفِ.
وكذلك يتفاوت الناس بحسب حاجتهم، فمنهم من يستدين للكماليات ومنهم يستدين للضروريات، ولذلك يتفاوتون في الذم في الشرع من جهة حاجتهم الحقيقة للاستدانة، ومن جهة معرفتهم هل سيستطيعون إيفاء الدين أم لا؟ ما مدى الحاجة؟ أولاً: عندما تستدين يا أخي اسأل نفسك سؤالين، السؤال الأول: ما مدى حاجتك لهذا الدين؟ السؤال الثاني: هل تستطيع وفاءه ورده أم لا؟ ثم بعد ذلك قرر هل ستستدين أم لا؟ والإمام أحمد رحمه الله سئل عن أخذ الأجرة على تعليم القرآن، فقال: خذ الأجرة -وأخذ الأجرة معروف الخلاف فيها عند السلف هل تجوز أو لا تجوز- فقال: هو أهون عندي -أخذ الأجرة- من أن يأخذ رجل مالاً آخر ليتاجر به، فربما خسر التجارة ولم يستطع إيفاء الدين الذي أخذه منه.
ولذلك وقع النزاع عند العلماء، متى يكون المستدين معذرواً عند الله ومتى لا يكون؟ هذا ما سنبينه بعد قليل إن شاء الله وأستغفر الله لي ولكم.