وأما عن أخلاق ابن القيم -رحمه الله- فقال ابن كثير: كان حسن القراءة والخلق، كثير التوجه، لا يحسد أحداً ولا يؤذيه، ولا يستعيبه، ولا يحقد على أحد، وبالجملة كان قليل النظير في مجموعه، وأموره، وأحواله، والغالب عليه الخير والأخلاق الفاضلة؛ ولهذا الطبع المتأصل في نفسه تجده يقول -مثلاً- في بعض كتبه: من أساء إليك، ثم جاء يعتذر عن إساءته، فإن التواضع يوجب عليك قبول معذرته حقاً كانت أو باطلاً، وتكل سريرته إلى الله عز وجل- كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنافقين.
وأما عن تواضعه، فإنه كان أمراً عجيباً، وقد ذكر العلامة الصفدي -رحمه الله تعالى- ميميته الرقيقة التي يتحدث فيها ابن القيم عن هضمه لنفسه، ويفي بتواضعه من خلال أبيات تلك القصيدة، فيقول:
بُني أبي بكرٍ كثيرٌ ذنوبه فليس على من نال من عرضه إثمُ
بُني أبي بكرٍ جهولٌ بنفسه جهولٌ بأمر الله أنَّى له العلمُ
بُني أبي بكرٍ غدا متصدراً يعلم علماً وهو ليس له علمُ
بُني أبي بكرٍ غدا متمنياً وصال المعالي والذنوب له همَّ
بُني أبي بكرٍ يروم مترقياً إذا جنت المأوى وليس له عزمُ
بُني أبي بكرٍ لقد خاب سعيه إذا لم يكن في الصالحات له سهمُ