للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[عكرمة بن أبي جهل واعتباره عند ركوب البحر]

عكرمة بن أبي جهل صحابيٌ جليل كان كافراً وعدواً لله، ومن صناديد قريش الصادين عن دين الله، ابن عدو الله، لكن أراد الله به خيراً.

كيف؟ لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة هرب عكرمة فاراً من رسول الله صلى الله عليه وسلم فركب في البحر ليدخل الحبشة، فجاءتهم ريحٌ عاصف هو ومن معه في البحر، فقال القوم بعضهم لبعض: إنه لا يغني عنكم إلا أن تدعوا الله وحده -انظر سبحان الله! هؤلاء مشركون- هؤلاء المشركون يقول بعضهم لبعض: إنه لن يغني عنكم شيئاً إلا أن تدعوا الله وحده، مثل ما قال الله في القرآن بالضبط.

فقال عكرمة في نفسه لما سمع هذا الكلام: [والله لئن كان لا ينفع في البحر غيره فإنه لا ينفع في البر غيره] فالآن حصل الاتعاظ، ونحن عندنا أناس نائمون، يغطون في نومٍ عميق، تأتي لهم بالآيات فلا فائدة، عكرمة بن أبي جهل كم مرة سمع القرآن، وكم مرة سمع الرسول صلى الله عليه وسلم، وكم مرة رأى المسلمين، وكم مرة؟ لكن كان غافلاً نائماً كافراً.

هذه المرة شاء الله أن يهديه، هذه المرة استخدم عقله وفكر، نحن نريد من الناس الآن أن يستخدموا عقولهم فيفكروا، الأحداث هذه لابد أن تهز الناس وتوقظهم من غفلتهم، قال عكرمة: [والله لئن كان لا ينفع في البحر غيره فإنه لا ينفع في البر غيره، اللهم لك علي عهدٌ لئن أخرجتني منه سالماً، لأذهبن فلأضعن يدي في يديه -صلى الله عليه وسلم- فلأجدنه رءوفاً رحيماً].

فخرجوا من البحر سالمين، وهنا مرحلة أخرى؛ هل تُرى سيرجع إلى الكفر أم أنه سيواصل على الهداية؟ هذه التي حصلت له الآن، فخرجوا من البحر فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم وحسن إسلامه رضي الله عنه.

الاعتبار: لا بد من التفاعل مع الأحداث، لابد أن تكون لنا مواقف قلبية مما يدور على ضوء الكتاب والسنة، ولذلك أيها الأخوة! عندما نتأمل في بعض الأقوال التي وردت، مما حصل من مقابلات كثيرة في الجرائد والمجلات والإذاعات وغيرها مع إخواننا المسلمين الذين هربوا من الكويت، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يردهم، فنجد في بعض التعليقات أن أناساً عندهم جمل وكلمات تدل على أنهم اتعظوا من الواقع.

امرأةٌ تقول -باللهجة العامية- تقول: (الله ما سوى فينا إلا شوي) أي: على الأقل نجونا وإلا كان من الممكن أن يخسف بنا خسفاً فيفنينا عن بكرة أبينا، ما قتل منا إلا قلة بالنسبة للناجين.

فعندما ينظر الإنسان إلى ذنوبه الكثيرة والمتراكمة وينوب المجتمع كله، ثم أن الله سبحانه وتعالى يذكر بشيء، فهناك ما هو أصعب منه وأغلظ وأشد بكثير، فلا بد أن يعتبر.