أما تأويل الرؤى وتعبيرها فمعناها: الأخبار بما تئول إليه الرؤيا، فما هو تفسير الرؤيا؟ هو كما عبر يوسف {يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً وَأَمَّا الْآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ}[يوسف:٤١].
الأولى تعبيرها شبه مباشر:{أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً}[يوسف:٤١]، وأما الآخر، فيصلب ويموت ويقتل وتأكل الطير من رأسه، تأتي وتقف عليه وهو مصلوب وتأكل من رأسه وتنقر في رأسه، هذا تأويله.
الرؤى إذاً قسمان: قسم جلي، كمن رأى في المنام أنه يعطى تمراً فقام في النهار فأعطي تمراً.
أو رأى في المنام أن فلاناً سيموت، فقام من المنام وأخُبر أن فلاناً مات، أو بعد مدة حصل ما رآه منه.
وقسم مرموز له، بعيد المرامز لا يعبره إلا حاذق؛ لأن فيه ضرب مثل، فهذا لا يقص إلا على معبر، والمعبر له صفات: منها أن يكون عالماً، ذكياً، تقياً، نقياً من الفواحش، يعرف حديث النبي صلى الله عليه وسلم، ولغة العرب، فهذا الذي تقص عليه الرؤى لتعبيرها وتفسيرها، وأيضاً يقول عمر رضي الله عنه لما كتب لـ أبي موسى كما في شرح السنة للبغوي:[أما بعد: فإني آمركم بما يأمركم به القرآن، وأنهاكم عما نهاكم عنه محمد صلى الله عليه وسلم، وآمركم باتباع الفقه والسنة والتفهم في العربية، وإذا رأى أحدكم رؤيا فقص على أخيه فليقل خيراً لنا وشراً لأعدائنا] أي يتفاءل بها لنفسه وللمسلمين، وأيضاً ويتفاءل بأنها شر على الكفار والأعداء.
وقد سئل الإمام مالك رحمه الله: أيعبر الرؤيا كل أحد؟ قال:[أبالنبوة يلعب!] ثم قال: [الرؤيا جزء من النبوة فلا يعلب بالنبوة] وقال النبي صلى الله عليه وسلم (إذا رأى أحدكم رؤيا حسنة فليفسرها وليخبر بها، وإذا رأى رؤيا قبيحة، فلا يفسرها، ولا يخبر بها) وإذا كان يستطيع أن يفسرها فسرها، وإذا لم يستطع أن يفسرها فإنه يقصها على من يعرف التفسير، ممن تقدمت صفته.