كان له -رحمه الله- مؤلفات كثيرة؛ فكان منهجه في التأليف الاعتماد على الكتاب والسنة؛ ولذلك تجد كتبه طافحة بذكر الأدلة، وكان ينعى على من يرد الكتاب والسنة من أصحاب الطواغيت الأربعة القائلين بالمعقول ومقدمي القياس والذوق والسياسة، يقول: إن من الناس الذين يقدمون آراءهم على الكتاب والسنة أربع طوائف، فمنهم: الطائفة الأولى: المتكلمون الذين يقدمون العقل على النقل: يقدمون العقول وآراءهم على نصوص القرآن والسنة.
الطائفة الثانية: المتكبرون، الذين إذا تعارض القياس والحديث، قدموا القياس على النص.
الطائفة الثالثة: المتكبرون المنتسبين إلى التصوف، الذين إذا تعارضت عندهم أذواقهم ومواجيدهم -وهي من الشيطان- قدموها على نصوص الكتاب والسنة.
الطائفة الرابعة: الولاة والأمراء الجائرون، الذين إذا تعارضت عندهم الشريعة والسياسة قدموا السياسة ولم يلتفتوا إلى حكم الشريعة.
وكذلك كان -رحمه الله تعالى- يقدم أقوال الصحابة على من سواهم، وكانت مؤلفاته تتسم بالسعة والشمول، وكان يسير على نهج الجود بالعلم، فإذا سئل عن مسألة، أجاب عنها وأكثر بما يشبع السائل، ويجيبه جواباً شافياً، ولذلك يقول: لا يكن جوابك للسائل بقدر ما تدفع به الضرورة، مثل: نعم، ولكن عليك أن تجود بالعلم، وأشبع رغبة السائل، وأجبه ولو بأكثر مما سأل، ورسول الله صلى الله عليه وسلم لما سئل عن ماء البحر هل هو طاهر أم لا؟ أجاب عليه الصلاة والسلام:(هو الطهور ماؤه الحل ميتته) فالسائل سأل عن مسألة واحدة، فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم عن مسألتين: الأولى: طهارة ماء البحر.
الثانية: حل ميتة البحر، وهذا من الجود بالعلم، وكان يستطرد في مؤلفاته، فيذكر فوائد عظيمة، وكان يعرض كثيراً من محاسن الشريعة وحكمة التشريع، وهذا يدل على عمقه وذكائه -رحمه الله- وكان يعنى بالاستدلال والعلل، وكانت كتاباته حيوية تفيض بالمشاعر الفياضة.