كذلك فإن من العبودية في هذا الشهر أن تعلم المرأة أنها تأتمر بأوامر الله ورسوله في الصوم والإفطار، فإذا قال الله لها: صومي؛ فتصوم، وإذا قال الله لها: أفطري؛ فتفطر، وإذا حاضت -مثلاً- فإن الصيام ينقطع ولها الأجر على ما مضى من الصيام، ولم تذهب القضية هباءً منثوراً، فإن الله لا يضيع أجر المحسنين، ومن الإحسان أن تصوم، فإذا نزل عليها الدم أثناء النهار تفطر، ولذلك فإنها تؤجر على الإحسان في عملها، وبطلان الصوم شيء، وبطلان الأجر شيء آخر، فلا ينبغي عليها أن تخلط بين هذا وهذا، خصوصاً وأن بعض النساء يشعرن بالضيق من مجيء العادة الشهرية أثناء شهر الصوم، وقد تلوم إحداهن نفسها، أو تندب حظها، وتقول: يا ليت هذه العادة لم تكن، أو لماذا كانت؟ ونحو ذلك، ولماذا لا أكون مثل الرجل الذي يصوم الشهر كله، وأنا أضطر للإفطار ثم أقضي؟! فنقول: إن من أنواع الرضا بالقضاء: الرضا بالقضاء الشرعي، والله سبحانه وتعالى قد قدَّر على المرأة أن تحيض، وأوجب عليها أن تفطر، وتقضي بعد ذلك، ورضي لها بهذا ديناً، فينبغي أن ترضى بما رضيه الله لها، وما دامت لم تفعل محرماً فلماذا تلوم نفسها، ولماذا تندب حظها، ولماذا تعنف هذه الخواطر التي تأتيها في نفسها؟ فنقول: ينبغي أن ترضى بما رضي الله لها، وهذه قسمة الله ومشيئته، وله في ذلك حكمة عظيمة سبحانه وتعالى.