ومن المسائل الفقهية التي تكلم عنها العلماء في بر الوالدين، قطع صلاة النافلة من أجلهما عند النداء إذا خشي الغضب، واستدلوا بحديث جريج:(كان رجل في بني إسرائيل تاجراً، وكان ينقص مرة ويزيد أخرى، فقال: ما في هذه التجارة خير، لألتمسن تجارة هي خير من هذه، فبنى صومعته وترهب فيها، وكان جريج يصلي، فجاءته أمه فدعته -وفي رواية- كان جريج يتعبد في صومعته، فأتته أمه ذات يوم، فنادته: أي جريج! أشرف عليَّ أكلمك أنا أمك، وكان يصلي، فقال: أجيبها أو أصلي؟ -وفي رواية- فصادفته يصلي، فوضعت يدها على حاجبها - جريج في الصومعة- فقالت: يا جريج! فقال: يا رب! أمي أو صلاتي، فاختار صلاته ثلاث مرات، ترجع فتأتيه، فغضبت، ومن شدة الغضب قالت: اللهم لا تمته حتى تريه وجوه المومسات -وفي رواية- فغضبت فقالت: أبيت أن نطلع إلى وجهك، لا أماتك الله حتى تنظر في وجهك زواني المدينة).
فحصلت بعد ذلك القصة المعروفة من هذه المرأة التي زنت بالراعي واتهمت جريجاً، وجاء بنو إسرائيل فكسروا صومعته وضربوه، ثم توضأ وصلى ركعتين ثم دعا الله سبحانه وتعالى وجاء للغلام، فقال: من أبوك؟ قال: الراعي، فبعد ذلك عرفوا شأنه، وسبح الناس وعجبوا، وأرادوا أن يعيدوا بناء الصومعة من الذهب، فقال: أعيدوها طيناً كما كانت.
فالمهم أنه إذا ناداك أحد الأبوين وأنت تصلي صلاة النافلة، فإن كنت تعلم أنك لو ما أجبت الآن يغضبان عليك فعليك أن تقطع صلاة النافلة وتجيب، وإن كانت فريضة تخفف الصلاة.