وهنا وقفة سابعة وهي: أنه لا يشترط أن نكون بعد رمضان كما كنا في رمضان، فنحن نعلم أن ذلك موسمٌ عظيم، لا يأتي بعده مثله إلا رمضان الذي بعده، لا يأتي شهرٌ فيه خيرات ومغفرة ورحمة وعتق كما في هذا الشهر الذي انصرم، فنحن لا نقول: كونوا كما كنتم في رمضان من الاجتهاد، النفس لا تطيق ذلك، لكن لا للانقطاع عن الأعمال، الخطورة في الانقطاع يا عباد الله! لابد من أخذ الأمور بواقعية، ليس من المطلوب أن نكون بعد رمضان مثل رمضان، كان ذلك شهر اجتهاد له وضعٌ وظرفٌ خاص، لكن الانقطاع عن الأعمال لا.
ترك الصيام بالكلية لا.
ترك القيام بالكلية لا.
ترك ختم القرآن بالكلية لا.
ترك الدعاء والذكر والصدقة والعمرة لا.
استمروا على العمل وإن كان أقل مما كان في رمضان، ثم إن الله سبحانه وتعالى إذا كان العبد مواصلاً على عمله، لو أصابه عارض؛ لو مرض، لو سافر، يكتب له من الأجر مثلما كان يعمل صحيحاً مقيماً، وجاء في الحديث:(إذا مرض العبد قال الله للكرام الكاتبين: اكتبوا لعبدي مثل الذي كان يعمل حتى أقبضه أو أعافيه) حديث صحيح.
إذاً هذه من فوائد المواصلة على الطاعة والعبادة.
أيها المسلمون! من الوقفات المهمة أن الاستمرار على الطاعة والعبادة سببٌ لحسن الخاتمة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:(إذا أراد الله بعبدٍ خيراً استعمله، قيل: كيف يستعمله؟ قال: يوفقه لعملٍ قبل الموت ثم يقبضه عليه) فإذا كان من الصالحين كانت عبادته حسنة، وكذلك فإن عبادتنا لله تعالى في جميع الأوقات والأحيان سواءً في السراء أو الضراء في رمضان أو في غير رمضان، في أوقات الرخاء والشدة، في أوقات المحنة والنعمة، إذا كانت مستمرة فإن الأجر يعظم:(عبادة في الهرج والفتنة كهجرة إليه) كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، العبادة في وقت الفتن واختلاط الأمور أجرها كأجر المجاهد في سبيل الله تعالى، عندما لا يشجع الجو على العبادة، عندما يرجع كثير من الناس إلى فتورهم بعد رمضان، عندما تقوم أنت بالعبادة لا شك أن لك أجراً عظيماً، عندما فتر الناس أنت نشطت، عندما تقاعس الناس أنت قدمت، عندما تخلفوا أنت تقدمت.
أيها المسلمون: إن هنا مفهوماً عظيماً، وهي أن العبادة هي أصلٌ في حياتنا، إنها ليست قضية طارئة، إنها ليست قضية مؤقتة، إنها ليست قضية محددة بزمانٍ أو مكان، إنها مستمرة، من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله شابٌ نشأ على طاعة الله تعالى.