للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة]

ما الذي ندخره للحظات الشدة؟! التوكل على الله وعبادته، من سره أن يكون الله معه في وقت الشدة، فليكن مع الله في وقت الرخاء، ونحن يمكن أن نجني ثمرات ما زرعناه في الماضي من وقت الرخاء عندما نكون الآن في وقت الشدة، فإذا لم نكن قد زرعنا شيئاً فلنستغل الفرصة الآن، فيمكن أن نعبد الله، وأن نتجه إلى المساجد، وأن نصلي ونحن مطمئنون، وأن نتصدق ونخرج من أموالنا، إن أناساً حرموا من الصدقات، قد يريد الصدقة لكن لا مجال أن يتصدق، واليوم صاروا يُتَصدَّق عليهم، ناس كانوا يقولون: هل رأيتم الفقر، فإنا هذا دفناه؟ ناس قالوها في السنوات الماضية والآن صاروا يقبلون ما يُعطى لأولادهم من الثياب المستخدمة، واحد كان عنده خمسين مليون ديناراً، لكنه يقتسم الآن هو وخادمه رغيفاً من الخبز.

والله الذي لا إله إلا هو -أيها الأخوة- إذا لم تهزنا الأحداث وتجعلنا نفيء إلى الله عز وجل، فإن الله إذا أخذنا فإنه سيأخذنا أخذ عزيزٍ مقتدر، ولذلك فالحق نفسك أيها المسلم.

أكثر من العبادات الصدقات توكل على الله اجمع قلبك على الله! لا تشتت نفسك بالتوكل على غير الله، فإن من توكل على غير الله ذل.

والعوام كثيرٌ منهم هوام، لا يعتقدون بالعقيدة الصحيحة في التوكل، ولذلك تجدهم مساكين في ألفاظهم ومعتقداتهم، نسوا قضية التوكل على الله، الناس الآن يتعلقون بأي قشة ونسوا التوكل على الله عز وجل.

{إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لَآتٍ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ} [الأنعام:١٣٤] {فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ} [التكوير:٢٦] وإلى أين تهربون؟!! {إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ * مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ} [الطور:٧ - ٨].

أين ثمود؟ أين فرعون ذو الأوتاد؛ الذين طغوا في البلاد؛ فأكثروا فيها الفساد؟ هل كان هناك أشد من فرعون ومن معه من جنده؟! أو أشد من ثمود الذين قطعوا الصخر، وعملوا هذه البيوت التي بقيت إلى الآن:: {وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ * وَبِاللَّيْلِ أَفَلا تَعْقِلُونَ} [الصافات:١٣٧ - ١٣٨].

إذاً مسألة التجميع والاستكثار من الدنيا لا تنفع أبداً وقت الأزمة، وما ينفع إلا بالإيمان بالله، فإن كان عندك رصيد من الإيمان نفعك وقت الشدة، وإلا فيمكن أن تصيبك سكتة أو أي شيء من الأمور المفزعة والمضطربة، أو صدمة نفسية وعصبية، لكن المسلم المعتصم بالله، لو أصابته شدة ينقذه الله.

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قال تعالى: {أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ} [الأعراف:١٦٥].

لكن الله عز وجل يمهل فيظن الناس أنه ما أخذ ولن يؤخذ مع أن العذاب قريب: {فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضاً مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ * تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ} [الأحقاف:٢٤ - ٢٥].