قال الله تعالى:{وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى}[القصص:٢٠] يشتد من أقصى المدينة، لم يقعد به طول المسافة، ولا بُعد الطريق، جاء يسعى ويشتد، لقد كان هذا الرجل مؤمناً.
{قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ}[القصص:٢٠] يتشاورون في أمرك، {لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ}[القصص:٢٠] إني أكشف لك مخططاتهم، وأعرِّي لك دسائسهم ونياتهم الخبيثة، فاخرج من هذه المدينة، {فَاخْرُجْ إِنِّي لَِكَ مِنَ النِّاصِحِينَ}[القصص:٢٠].
قال ابن كثير رحمه الله: وُصِف بالرجولة؛ لأنه خالف الطريق، يعني بالطرق الجادة التي تُسلك في الشارع، فسلك طريقاً أقرب من طريق الذين بُعثوا وراءه، فسبق إلى موسى وحذره، قال: إن الناس آتون ورائي ليقبضوا عليك ويقتلوك، أعوان فرعون الطاغية:{فَاخْرُجْ إِنِّي لَِكَ مِنَ النِّاصِحِينَ}[القصص:٢٠].
يأتي هذا الرجل يسعى، يختصر الطريق ليحذر ولي الله ونبيه موسى عليه السلام إن تقديم النصيحة حتى في حالة الخوف من صفات الرجولة.