حتى بضائع الكفار التي تأتي إلينا لم تسلم من كتابة لفظ الجلالة على الأحذية، ولا الشهادتين على الملابس الداخلية، ولم تسلم كثير من الأطعمة من شحوم ودهون الخنزير والكلب، وتصدير الميتة ونحوها حتى السمك مكتوب عليه: ذبح على الطريقة الإسلامية، لماذا حصل هذا؟ لأننا لا نفقه قول الله تعالى:{وَخُذُوا حِذْرَكُمْ}[النساء:١٠٢].
والحمد لله أن الوعي بدأ ينتشر بين كثير من المسلمين ولكننا نريد المزيد، كم سمعنا عن هؤلاء الكفار الذين يديرون تجارات المسلمين، أو جعلوا أمناء عليها، كم خانوا فيها؟ كم سرقوا؟ كم نهبوا؟ كم من التجار اكتشف أنه كان ضحية لمن سلم له أشياء من عمله من نصب واحتيال واختلاسات؟ تنبيهان: قد يقول قائل: إن المسلمين يغشون ويخونون.
نقول: نعم.
هناك منهم من يغش ويخون لضعف العقيدة، ولكن الكفار يغشون أكثر ويغشون انطلاقاً من عداوة العقيدة، المسلم قد يغش لضعف الوازع الديني ولضعف خوف الله في قلبه، الكافر لا يغش لهذا فقط لكنه يغشك ويخونك لعداوته لك في العقيدة، وهذا أخطر وأكبر وأعظم.
وقد يقول قائل: لقد لمسنا من التعاملات مع بعض الكفار أمانة، نقول: نعم.
إن الله قد قال في القرآن:{وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِماً}[آل عمران:٧٥] فما بالك بما هو أكثر من الدينار؟ لماذا حصل هذا منهم؟ لماذا يخونون المسلمين ويسرقونهم؟ كيف استباحوا ذلك؟ {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}[آل عمران:٧٥] قال ابن كثير رحمه الله: يخبر تعالى عن اليهود بأن فيهم الخونة ويحذر المؤمنين من الاغترار بهم، ولو رأيت بعض الكفار فيهم أمانة؛ فاعلم بأن تلك الأمانة في الغالب أمانة تجارية.
إنهم ينظرون إلى بعيد وتهمهم مصالحهم، إنهم يريدون أن يتعاملوا بالأمانة لكي يكسبوك أكثر لو تعاملوا بالأمانة، ولكن الغش والخداع فيهم كثير، وأرباب الأعمال والأموال يعرفون الأضعاف المضاعفة عن مثل هذه الأخبار، يحصل هذا مرة أخرى لأننا لم نعمل بقول الله:{وَخُذُوا حِذْرَكُمْ}[النساء:١٠٢].