[الصوفية وإنشاء الأضرحة]
السؤال
الجهل يملأ قريتنا بسبب تغلغل الصوفية فيها لدرجة أنه في خلال ثلاث سنوات تم إنشاء أربعة أضرحة لمشايخهم كما يزعمون، وعندما ننصح أهل البلد يكون الرد: لا تحاربوا أولياء الله، ويستدلوا بالآية، وعندما نقف لهم بالمرصاد يهددوننا.
فما هو الحل مع هؤلاء المبتدعة؟
الجواب
طبعاً هؤلاء الصوفية درجات، أما نسبتهم فقيل إلى نسبة الصوف؛ لأنه كان شعار المتزهدين في ذلك الوقت، وقيل: إنه نسبة إلى الصحراء كما قال ذلك الشاعر:
فتى تصافى فصوفي حتى سمي الصوف
وقيل غير ذلك، ومهما كان الأمر فإن هذه الطريقة طريقة بدعية، فلم يكن صلى الله عليه وسلم صوفياً ولا أبو بكر ولا عمر ولا الخلفاء الأربعة ولا الصحابة وما كانوا متصوفة ولا صوفية، ولا كان عند الصحابة طريقة قادرية، ولا جيلانية، ولا طريقة عيدروسية، ولا طريقة بدوية ولا رافعية ولا شاذلية، فكل هذه الطرق التي ابتدعها هؤلاء المبتدعة، وأما الصوفية طبعاً درجات في الانحراف، فمنهم: الذين يكون بدعتهم في الأذكار، كأن يقيدوا أذكاراً بعدد معين ما ورد في السنة، أو بمكان معين أو بكيفية معينة ما وردت في الشريعة، فبدعتهم تقف عند حدود الأذكار، مثل: بعض الصلوات، يقولون: هذه الصلاة النارية، ويبتدعون في الصلوات أذكاراً معينة، أو في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم يبتدعون في كيفيات معينة في الأذكار، ويتبعون أذكاراً معينة ويواصلون عليها وهذه الصمدية، ونحو ذلك مما يسمونه، أو مثلاً يذكرون الله بالاسم المفرد كأن يقولون: (الله، الله) (حي، حي، حي) أو (هو، هو، هو).
فهؤلاء قوم لا يعقلون، ولذلك فإن الذكر بالاسم المفرد بدعة من البدع، لا يوجد شيء اسمه ذكر باسم مفرد، أي: أن النبي صلى الله عليه وسلم ما قال (الله، الله، الله) يذكر الله هكذا، كما يقول بعضهم حتى المسجد يقول: الله، والجدار يقول: الله، وكل شيء يقول: الله، والأشجار تقول: الله، ويقول: ما ترى بعينك، يقول: الأشجار تقول: الله، والسماء والأرض تقولان: الله، ويسمع كل شيء، وربما يكون الشيطان فعلاً يسمعهم من هذا حتى يصدق فعلاً أن هذه طريقة، وربما يكون إحياءً نفسياً، وبعضهم يقول: جرب هذا الذكر، ويكتبوا: يا لطيف أربعة آلاف وأربعمائة وأربعة وأربعين مرة، ويقول: اذكر هذا ويقول: هذه وصفة وهذا وكان بعض أهل الدعوة والعلم في عصرنا وهو الشيخ محمد المصري رحمه الله قد سمع بأن أحد الصوفية يزعم أنه يوصل من يريد إلى الله عز وجل مباشرة، يجعله يتصل بالله، فذهب إليه، فقال: أنا سمعت أنك توصل من يريد بالله عز وجل؟ قال: طبعاً هذا أكيد، قال: وما هو المطلوب؟ قال: لا بد أن تجلس عندي أربعين يوماً، قال: أنا مستعجل وعلى سفر ولا يمكن، أنا أكثر شيء أستطيع أن أجلس عندك ثلاثة أيام، فالمهم في الأخير حتى لا يكون هذا ما عنده علاج، وافق له على ثلاثة أيام ثم أعطاه أشياء معينة، أذكاراً معينة، كتب له كتابة فيها البدعي وغير البدعي، وقال: هذه في ثلاثة أيام تواظب عليها في الأوقات الفلانية، وفي الظلمة وفي كذا، وتحت السنة لازم تحت السنة، قال: اكتب لي توقيعك عليها حتى لا يعارضني أحد في أن هذه الأذكار هي من عندك أنت شخصياً، فكتب له توقيعاً عليها، ثم جاءه بعد ثلاثة أيام فقال: ما حصل لي شيء، ما وصلت ولا أحد كلمني ولا فقال: أنت يمكن عندك قسوة قلب، أو أنك ما طبقت الوصفة كما ينبغي ونحو ذلك.
فقال: أشهد لله العظيم أنك كذاب، ومثل هؤلاء المقصود كان إثبات عجز هذا الرجل وغيره الذين يقولون أنه يوصل إلى الله تعالى مباشرة، أي: تكلم الله مباشرة، نعطيك أوصافاً وأوراداً وبعضهم كان يدعي الكرامات، واحد منهم كان يلقب بـ الحاروني كان يزعم أنه يتصل بالله، بذكر يرفع السماعة ويكلم فيه، وبعضهم يقول: أن الشيخ الفلاني ضرب الشيخ الفلاني من دمشق إلى بغداد بالحذاء، بينهم ثأر فضربه من هناك.
وبعضهم طبعاً يزعم أنه من أهل الخطوة، وأنه ينتقل من بلد إلى بلد، المسافات الشاسعة، لكن فعلاً قد ثبت لدى شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره أن بعض هؤلاء فعلاً يذهبون إلى مكة بالاستعانة بالجن، يذهبون في ليلة من بلد بعيد ويرجعون، وربما حكوا قالوا: رأينا كذا ورأينا كذا، وقال شيخ الإسلام رحمه الله: ومن منكراتهم: أنهم يمرون بالميقات ولا يحرمون منه، الجني لا ينزل في الميقات يحرم، فيأخذه مباشرة.
فهؤلاء كما قلنا بدعهم في الأذكار، وبعضهم بدعهم تصل إلى الشرك وادعاء الكرامات والكفر، ووحدة الوجود، وكان بعضهم يقول: كل ما ترى بعينك فهو الله، ليس في الجبة إلا الله، فرعون كان محقاً لما قال: {أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى} [النازعات:٢٤] لكن موسى ما فطن لها؛ لأن كل شيء في هذه الدنيا جزء من الله، تعالى الله عن قولهم.
المهم هؤلاء الذين يعملون الأضرحة، هؤلاء طبعاً يؤلهون أصحاب الأضرحة، أي: يثبتون لهم أشياء من التوحيد التي لا تجوز إلا لله، مثل: طلب شفاء المريض، مثل: طلب الزرق، طلب نزول المطر، إذا قحطوا قالوا: عليكم بقبر البدوي، قبر أبي العباس المرسي يعني: مجرب ونافع، وقبر فلان لكذا، وهذه المرأة التي لا تحمل تحمل إذا جاءت عنده، وبعض هؤلاء المشركين كان لهم بدعاً قبيحة، وبعض هؤلاء الذين في الأضرحة على ثلاثة أقسام: إما أناس من أهل التوحيد الذين لا يرضون هذا المنكر أبداً كما عبدت النصارى المسيح والمسيح منهم براء، ومن هؤلاء الشيخ عبد القادر الجيلاني رحمه الله تعالى، وهذا من أئمة أهل السنة.
وذكر فضله شيخ الإسلام رحمه الله وأثنى عليه، فـ عبد القادر من أئمة أهل السنة لكن الناس غلوا فيه حتى جعلوه إلهاً بعد موته يطلبون منه شفاء المرض، ويطلبون منه المغفرة، ويطلبون منه الشفاعة عند الله، وغير ذلك.
وكما فعل الغلاة بـ الحسين، وكما فعلوا بـ زينب، وكما فعلوا بكذا، وحتى ما يفعله كثير من المشركين عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم.
ومن المقبورين: من يكون من المشركين الكفار، ولكنهم ألهوهم وجعلوهم أولياء، مثل البدوي الذي كان تاركاً للصلاة، متعاطياً للخمور متعاطياً للمحرمات، وكان أيضاً والغاً في النجاسات؛ لأن بعض هؤلاء الرءوس كانوا لا يتنزهون من النجاسات، وربما لا يغتسلون، طبعاً اتصال برهبنة في النصارى، مسألة الصوفية اتصال بين النصارى والصوفية وموجودة، وصلة بين التصوف المنتشر كذلك قائمة وحقيقية، فبعض هؤلاء كانوا لا يصلون كـ البدوي وربما فعل الأشياء السخيفة كما حدث أنه مرة وقف على جدار فبال على الناس وهم يمشون في الطريق، فهموا به وأخذوه، قال: أنا مالكي، ونحن المالكية نقول: بول كل ما أكل لحمه فهو طاهر، قال: الناس يغتابوني، أي: يأكلون لحمي، إذاً بولي طاهر.
ولذلك فإن مثل هذا الرجل الذي يطاف عند قبره بالملايين في السنة، وربما يذبحون، يطوفون بالقبر ويحلقون الشعر ويذبحون الذبيحة، ويأتون من القرية ببقرة يذبحونها عنده، فهؤلاء الذين ذكرهم يبنون المساجد على هذه الأضرحة ويجعلون لها سدنة.
النوع الثالث من الذين في القبور: من الدواب، حمار أو كلب أو تيس، يدفنونه مثلما يفعل بعضهم في فتح باب رزق بالنسبة له، كما حصل لأحدهم أنه دفن حماراً ثم هب إلى القرية يقول: الولي فلان مات وأوصاني بقبره، وقد دفنته، وجاءوا إلى القبر وجعلوه هو المسئول عن هذا القبر وما يأتي إليه من أموال.
إذاً هؤلاء الناس ماذا يفعل الإنسان بهم؟ إن كان له سلطة أنكر المنكر بيده، وإن لم يكن له سلطة فليس إلا المناصحة وإقامة الحجة والبيان، فإن لم يستطع أنكر بقلبه، وشكى أمره إلى الله تعالى، وحاول أنه يدعو من الناس من يرجى فيهم التقبل؛ لأن بعضهم إذا دعاهم كادوه وضيقوا عليه، يدعو من يرجو فيهم التقبل، حتى إذا زادوا كان هناك تياراً يحارب هذه الشركيات.