[صون الجوارح عما حرم الله]
فكانت أول وصية في هذه المنظومة: صون الجوارح عما حرم الله ثم قال:
يكب الفتى في النار حصد لسانه وإرسال طرف المرء أنكى فقيدِ
هذا إشارة إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم: (وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو على مناخرهم إلا حصاد ألسنتهم) والشطر الثاني معناه: قيد طرفك لا تصب بطرفك الحرام، ولا تنظر إلى ما حرم الله.
وطرف الفتى يا صاح رائد فرجه ومتعبه فاغضضه ما اسطعت تهتدِ
يعني إطلاق النظر يؤدي إلى الوقوع في الزنى، يعني الذين وقعوا في العشق والتعلق بالصور والأشكال من أي جهةٍ أُتو؟ من النظر، فتعب نفسياً لأنه أصيب بالعشق، تعب نفسياً تعب جداً، وخصوصاً إذا عشق امرأةً متزوجةً لا قدرة له على الوصول إليها، لأنها ذات زوج، فماذا يكون حاله، في غاية التعب، ولذلك قال:
وطرف الفتى يا صاح رائد فرجه ومتعبه فاغضضه ما اسطعت تهتدِ
ويحرم بهت واغتيابٌ نميمة وإفشاء سرٍ ثم لعن مقيدِ
البهتان حرام، إذا قلت في أخيك ما فيه فقد اغتبته، وإذا قلت ما ليس فيه فقد بهته.
قال: ويحرم بهت واغتيابٌ؛ وهذه الغيبة، نميمةٌ؛ أيضاً يحرم المشي بين اثنين بالإفساد بينهما بالكلام، وإفشاء سرٍ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا حدث الرجل حديثاً ثم التفت فهي أمانة، فإذا استودعك سراً لا يجوز افشاؤه).
وإفشاء سرٍ ثم لعن مقيدِ
يعني: لا يجوز أن تلعن المعين، إذا كان ممن لعنه الله كإبليس وأبي جهل وأبي لهب الذين ماتوا على الكفر، فيجوز لعنهم، لكن لا يجوز لعن الحي المعين، ولو كان كافراً على الصحيح لأنه قد يموت على الإسلام، فيكون غير مستحق للعنة، فإذاً لا تلعن المعين، لكن لو لعنت الجنس، فقلت: ألا لعنة الله على الكافرين، ألا لعنة الله على الظالمين، ألا لعنة الله على الكاذبين، فلا بأس، لكن لعنة الله على فلان، أو لعن الله فلاناً، لا يجوز، إلا إذا لعنه الله ورسوله، فإذاً المعين المقيد لا تلعنه.
وفحشٌ ومكرٌ والبذا وخديعة وسخريةٌ والهزء والكذب قيد
البذا: الألفاظ البذيئة، يعني قيد نفسك عن هذه الأشياء ولا تطلق لسانك فيها.
بغير خداع الكافرين بحربهم أو العرس أو إصلاح أهل التنكدِ
إذاً الكذب يجوز إذا كان في خداع الكافرين في الحرب، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الحرب خدعة).
ومعنى: أو العرس أو إصلاح أهل التنكدِ، جواز كذب رجل على زوجته، إذا خشي شقاقها أو أن تغضب عليه، وإصلاح أهل التنكدِ: الإصلاح بين المتخاصمين.
ويحرم مزمارٌ وشبابةٌ وما يضاهيهما من آلة اللهو والردِ
إذاً هذا ذكر تحريم آلات اللهو والمعازف، سواءً كانت لها أوتار أو ليس لها أوتار، مزمار، طبل، شبابة، كله حرام، حتى لو لم يكن معها غناء، ولذلك قال في البيت الذي بعده:
ولو لم يقارنها غناءٌ جميعها فمنها ذوي الأوتار دون تقيدِ
لاتقيد بالأوتار، لكن ذوات الأوتار كالعود والكمنجة، داخلةٌ فيها، والشبابة والربابة داخلةٌٌ فيها.